إذا ما رايةٌ رُفعتْ لمجد تلقاها عُرابة باليمين
هو بيْت القصيد من مديحية طويلة للشاعر المخضرم الشماخ ابن ضرار المعروف .. تذكرْتُه وأنا أواكب زيارة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز لأطار وعين أهل الطايع, فأيقنتُ عند نهاية الزيارة أن الرئيس كان أحق من الممدوح بقول الشاعر- لولا بَوْن الزمان وتبني البعض للفكرة القائلة بأن “المعاصرة تمنع المناصرة” .
ليستْ المائة و خمسون مليون أوقية المرسلة من طرف الرئيس محمد ولد عبد العزيز بسرعة البرق إلى المتضررين من السيول في آدرار وغيرها من المساعدات العينية هي الرابط الوحيد بين البيت الشعري والزيارة الرئاسية وإن كانت سخاءا في محله يستحق التنويه والإشادة ” فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله” , بل الأمر أعمق بكثير:
البيت الشعري يتحدث عن المآثر و الأمجاد والشهامة وغيرها مما يُفهم بين الحروف و تحت الكلمات من الخصال الحميدة و الشيم النبيلة كالقوة مثلا في قوله “باليمين” و هي كناية كما هو معلوم عن الجَلَد والصلابة و الحزم , بينما تكشف تفاصيل الزيارة التفقدية لمن حضرها عن طينة الرجل الممزوجة بالشهامة حد التماهي , و تواضعه وحرصه على الإستماع بعناية لمواطنيه و إشفاقه على الضعفاء والمُسنين منهم.., إلا أن المقام هنا ليس مناسبا للتذكير بقوة الرجل في الحق وحزمه وشجاعته إذْ ” لكل مقام مقال “.
كانت الشمس يومها حارقة جدا وكان الجو شديد الحرارة لا تضاهيه إلا حرارة استقبال سكان المنطقة ابتهاجا بالضيف الكبير , و الأرض وعرة المسالك أصلا بطبيعتها الجبلية و زادت مياه الأمطار الطين بلة , لكن ذالك كله لم يمنع رئيسَ الجمهورية محمد ولد عبد العزيز من الوقوف مطولا ومرات عديدة إنصاتا للشيوخ و النساء والضعفاء, ولم يُثنه عن الحديث معهم عن مشاكلهم بوجْه طلْق بعيدا عن التقارير الإدارية الروتينية , وكان مع ذالك يطلع ميدانيا على الواقع سيرا على الأقدام مسافات طويلة جدا فوق الطين وتحت لهيب الشمس.
ولاية آدرار كلها خير , فالأمطار لم يشهد الشمال مثلها منذ أربعين سنة وذالك طالع سعد بالنسبة لنا نحن أبناء المنطقة, ترفُده و تعززه ثقة تامة بقائد شهْم نؤمن به و نعلم يقينا أنه يريد الخير للجميع , و يعلم هو جيدا من أين تؤتى المكارمُ ..ولو كره الحاسدون.
خديجة بنت هنون /كاتبة صحفية