أثار خبر نشرته وسائل إعلام محلية حول لقاءات انفرادية ربما يكون الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز قد أجراها مع قادة في المعارضة الموريتانية، أمس جدلاً إعلامياً وسياسياً واسعاً بين من يؤكد أن هذه اللقاءات قد تمت بالفعل وأن هدفها تفريق صفوف المعارضين، وبين من ينفيها ويعتبرها مجرد تسريبات من أوساط يحركها النظام.
وسارعت اللجنة الإعلامية لمنتدى المعارضة إلى نفي هذه اللقاءات في بيان أكدت فيه «للرأي العام عدم صحة هذا الخبر وأن أيا من قادة المنتدى لم يلتق برئيس الدولة محمد ولد عبد العزيز».
وكانت صحيفة «صحراء ميديا» الموريتانية الآنية المستقلة، قد نقلت عن مصادر وصفتها بـ»الخاصة» قولها «إن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز التقى خلال الأيام الماضية بعدد من قيادات المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المعارضة، لمناقشة الحوار الوطني الذي يخطط له النظام».
وقالت مصادر «صحراء ميديا» الخاصة «إن اللقاءات التي استمرت حتى مساء أمس الأول الثلاثاء، جرت بالقصر الرئاسي في نواكشوط، وكانت انفرادية».
وأوضحت المصادر نفسها «أن كل واحد من قادة المنتدى ذهب إلى اللقاء مع الرئيس على أساس أنه «لقاء سري جداً»، ولم يكن أي منهم على علم بأن الرئيس سيلتقي ببقية قادة المنتدى المعارض».
وتمحورت هذه اللقاءات، حسب «صحراء ميديا»، حول مساعي تنظيم حوار وطني شامل تشارك فيه مختلف أطراف المشهد السياسي، وهو الحوار الذي يرفض المنتدى الدخول فيه ويصفه بالعبثي.
ويطالب المنتدى المعارض الحكومة بتلبية جملة من الممهدات قبل الدخول في أي حوار، وذلك من أجل إثبات حسن نية النظام وجديته في الدعوة إلى حوار حقيقي.
ويصر حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض على موقفه الرافض للحوار مع النظام من دون وجود ضمانات حقيقية، وانشق حزب التكتل الذي يقوده أحمد ولد داداه، عن المنتدى المعارض بسبب قبول المنتدى إجراء اتصالات مع الحكومة قبل تلبية شروط الممهدات.
ويؤكد نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، بدوره، أنه جاد في المطالبة بحوار وطني شامل ومن دون أي خطوط حمراء، وسبق للرئيس أن طالب به في أكثر من مناسبة.
وفشل الأمين العام لرئاسة الجمهورية مولاي ولد محمد الأغظف في التمهيد للحوار بعد أن أجرى سلسلة لقاءات غير مجدية مع منتدى المعارضة.
وقد أعاد ولد محمد الأغظف قضية الحوار للمربع الأول بعد عقده مؤتمراً صحافياً أعلن فيه عن اتفاق وفد الأغلبية مع المعارضة على جميع النقاط ما عدا الحكومة الإئتلافية، وهو ما نفته المعارضة بشدة واعتبرت أن «عقد المؤتمر الصحافي قد نسف حصيلة الإتصالات السابقة، كما أن تصريحات ولد محمد الأغظف خلال المؤتمر الصحافي تضمنت مغالطات كبيرة وأكدت عدم الجدية».
وفيما لم يقطع التمهيد للحوار أي خطوة للأمام لحد يوم أمس، دعا السفير السابق مختار ولد داهي «المجتمع المدني الموريتاني للتدخل كوسيط بين النظام والمعارضة ليضطلع بدور المسهل على غرار تجارب عديدة ناجحة عبر العالم آخرها التجربة التونسية التى ضربت مثلاً في تحصين وتطوير وتَبْيِئَةِ النموذج الديمقراطي التونسي».
وأكد في معالجة قوبلت باهتمام واسع من طرف السياسيين والمدونين «أن للمجتمع المدني أدواراً عديدة مفيدة؛ فبما أنه من المجمع عليه أن الحوار هو مخ الديمقراطية وأنه رَغِيبَةٌ وفضيلة يجب أن تكون «وِرْدًا ثابتا» في الحياة السياسية والاجتماعية، فإن المجتمع المدني بجميع أطيافه وخصوصاً منه «نخب الدرجة الأولى فكرياً»، مطالب في المراحل التمهيدية للحوار بالاضطلاع بدور خزان الأفكار الذي «يُمَوِنُ» الرأي العام دورياً بأوراق علمية عالية المستوي سبيلا إلى محاصرة «غلاة الإسفاف والإرجاف» عبر ترفيع مستوى النقاش العام وتذليل العقبات النفسية والنظرية والعملية التي قد تعرقل سير ومسار الحوار».
وأكد السفير داهي «أن للمجتمع المدني الموريتاني دوره كشريك فاعل، فإذا ما تم تجاوز «الفصول التمهيدية الطويلة والشائكة» للحوار واستقر الخيار على أن يكون الحوار المنتظر حوارا وطنيا جامعا لكافة صَنَعَةُ الرأي الوطني من الساسة ورجال العلم الإسلامي والشخصيات المرجعية والنقابات، فإن على المجتمع المدني أن يضطلع بدور الشريك الفاعل والطرف النشط في «الحوار المنتظر» والذي يُعَوًلُ عليه في اقتراح و مناصرة إصلاحاتٍ مجتمعية عميقة «منزوعة الدسم السياسوي».
واقترح السفير المجتمع المدني أن يتولى «دور المسهل الناصح الأمين» في حالة ما إذا تحدد الخيار بأن يكون الحوار المنتظر حواراً سياسياً صرفاً «يجمع حصريا شركاء الهم السياسي دون غيرهم ابتغاء إدخال تحسينات أو تصحيح اختلالات تتعلق بالعملية السياسية وتهدف غالباً إلى التفاهم على كل ما من شأنه الاطمئنان على النظافة والطهارة الفنية و»المعنوية» للاقتراع الانتخابي»، فإن دور المجتمع المدني هو «دور المسهل الناصح الأمين» خصوصاً إذا كان الحوار السياسي «ساخناً» وتنخفض فيه كثيراً مؤشرات الثقة المتبادلة بين الخلطاء إلى «ما دون درجة الصفر» أحياناً».
«ويحسن في هذه الحالة، يضيف السفير، أن يتم تشكيل فريق قليل العدد من المجتمع المدني (المجتمع غير السياسي، وغير الحكومي، وغير الربحي حساً ولا معنى)- و قليلٌ ما هُو- مجمعٌ إجماعاً لا شِيًةَ ولا استثناء فيه على مصداقيته العلمية والأخلاقية وقوته فى الحق وحنكته فى الوقاية من الصراعات السياسية ليضطلع بدور المسهل على غرار تجارب عديدة ناجحة عبر العالم آخرها التجربة التونسية التى ضربت مثلاً فى تحصين وتطوير وتَبْيِئَةِ النموذج الديمقراطي التونسي».
عبد الله مولود
نواكشوط – «القدس العربي»