تعتقد الكثير من الاجيال الموريتانية الجديدة بأن التقدير الكبير والإحترام الذي يلقاه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والإحتفال كل سنة بذكرى إعدامه، هي مجرد مشاعر لقوميين أو بعثيين سابقين، ساعد في ذلك عدم توفر معلومات موثَّقة حول الدور الذي قام به الرئيس صدام حسين في ترجيح كفة الجيش الموريتاني خلال أحداث 1989 مع الجارة السنغال،خاصة بأن معظم أطر الجيش الموريتاني ظلت تتكتم على ذلك الموضوع، لاعتبارات ليس اقلها تجنب الغضب الغربي على الرجل!
حصلنا عبر مصادر مطلعة على التفاصيل الكاملة لما قام به صدام حسين خلال تلك الفترة من دعم عسكري لموريتانيا في عز مواجتها للجارة الجنوبية التي كانت متفوقة عسكريا قبل وصول الدعم العسكري لصدام، في الخامس عشر من اغسطس 1989 تفاجأ الجيش الموريتاني بحشود عسكرية سنغالية بمحاذاة نهر السنغال قبالة مدينة روصو، وعند دراسة الموضوع تأكدت قيادات في الجيش الموريتاني بأن الجيش السنغالي يتوفر على دبابات وكاسحات الغام وراجمات صواريخ لاتتوفر لدى الجيش الموريتاني الذي تعود دباباته لفترة حرب الصحراء والكثير منها لم يعد يتحرك ولا توجد قطع غياره في العالم، وكانت المواجهة محسومة من هذه الناحية لصالح السنغال.
وحسب مصادر عسكرية في ذلك الوقت فإن ولد الطايع قال لكبار القادة العسكريين: إذا حسب هذه المعطيات فالسنغال بإمكانها إحتلال روصو في دقائق. صمت الجميع ولم يتكلم سوى المرحوم ولد محمد صالح الذي قال لن تدخل سوى على جثثنا، ولكن ولد الطايع اجاب قائلا: ليست لدينا مشكلة الرجال بل السلاح.
وخطرت لولد الطايع، المتخصص في التخطيط العسكري، فكرة جديدة خاطب من خلالها عبر الطرق الدبلوماسية السريعة جميع الدول العربية طالبا المساعدة بالسلاح لرد القوات السنغالية التي تسعي لإحتلال روصو، حسب تلك الرسالة، وقد وصلت الرسالة بعد ساعات قليلة في شكل طلب إغاثة عاجل لجميع ملوك ورؤساء الدول العربية، وتحدث عنها ملك المغرب المرحوم الحسن الثاني في القمة العربية حين قال لا يمكن التدخل بين دولة شقيقة يعني السنغال واخرى صديقة يعني موريتانيا!
وكان صدام حسين الوحيد الذي إتصل هاتفيا بولد الطايع وطرح عليه خيارين: الأول وصول جميع الأسلحة ومعها ضباط عراقيون لتدريب القوات الموريتانية على إستعمالها عبر الميناء البحري، والثاني في حالة الإستعجال إقامة جسر جوي من مطار بغداد إلى نواكشوط لإرسال ما يمكّن القوات الموريتانية من التصدي لنظيرتها السنغالية في الوقت المناسب.
وقد اختار معاوية الخيار الأول، ويقال بأن ولد الطايع بكى أمام مدير ديوانه الوليد ولد وداد تأثرا بموقف الرئيس صدام حسين.
تسلم الجيش الموريتاني الأسلحة العراقية التي تمثلت في دبابات روسية متطورة العديد منها شارك في العرض العسكري 2010 وصواريخ يتجاوز مداها العاصمة السنغالية دكار وأحدث المدافع الموجهة للقتال الليلي وأجهزة للرؤية متطورة مصحوبة بأكثر من 20 عسكريا عراقيا، منهم من بقي حتى الوقت الحالي في نواكشوط وتزوج من موريتانية، ومنهم من عاد بعد الغزو الأميركي للعراق، حشدت القوات الموريتانية المعدات العراقية الجديدة على الحدود السنغالية واكثر من ذلك اطلقت قذيفة وصاروخ في أراضي سنغالية غير مأهولة من أجل توصيل الرسالة للجيش السنغالي، فتدخل المستعمر السابق فرنسا من اجل تهدئة الأمور، ويقال بأن المبعوث الفرنسي طلب من ولد الطايع توضيحا حول الأسلحة العراقية ولكنه رفض قائلا المهم إن قصف دكار أصبح مثل شرب الماء البارد لجنودنا، وإذا ارادت فرنسا وقف التوتر فعلى الجيش السنغالي الإنسحاب من الحدود والعودة لقواعده ونحن سنقوم بنفس الشي، وهو ما تم فعلا بعد ذلك، لذلك قال ولد الطايع عندما لامه بعض مقربيه على عدم الوقوف مع دول الخليج العربي والإستفادة من اموالها الضخمة خلال حرب الكويت 1990 "هل وجدناها حين أصبحت السنغال على مشارف حدودنا؟! لولا صدام لكنا إما اسرى أو قتلى من السنغال".
المصدر شبكة البصرة