اشتهرت الفلبين في اوساط العرب والمسلمين بعدة امور ابرزها التمرد الاسلامي ضد حكومتها في الجنوب من قبل مجموعة ابو سياف وغيرها، مثلما اشتهرت ايضا بأحذية سيدتها الاولى سابقا اميلدا ماركوس التي كانت مغرمة بجمع آلاف الازواج منها من كل الاصناف والالوان، ازدحمت بها دواليبها “خزانات” غرف نومها في قصرها العامر، عندما كان زوجها ماركوس يحكم البلاد.
اليوم يخرج علينا رئيس فلبيني اسمه رودريغو دوتيرتي، ليحتل العناوين الرئيسية في الصحف ونشرات التلفزة، ليس لانه يمثل بلدا يصدر الخادمات، وانما لاتخاذه مواقف تتسم بألجرأة ضد الولايات المتحدة الامريكية حليفة بلاده الاولى، وتصريحات تعكس سلاطة اللسان.
دوتيري رئيس منتخب، ويشن حملة شرسة ضد مافيا المخدرات والفساد في بلاده، اسفرت حتى الآن عن مقتل 2400 شخص، الامر الذي عرضه لانتقادات عديدة من قبل الولايات المتحدة، ومنظمات حقوق الانسان والكنيسة الكاثوليكية، ولكنه لا يعبأ بهذه الانتقادات، ويصر على ملاحقة مهربي المخدرات والقضاء عليهم، وقال انه يرفض تلقي الاوامر من الولايات المتحدة.
من الواضح ان الرئيس الفلبيني لا يكن ودا للولايات المتحدة الامريكية، ولكنه خرج عن حدود اللياقات مرتين في نظرالكثيرين، الاولى عندما وصف السفير الامريكي في مانيلا بـ “ابن العاهرة”، والثانية، عندما كرر التوصيف نفسه للرئيس الامريكي باراك اوباما عندما قيل له، اي للرئيس الفلبيني، انه سيسأله عن سجل حقوق الانسان في بلاده عندما يلتقيه في قمة “اسيان” في لاغوس (الثلاثاء)، ووجه رسالة الى الرئيس اوباما قبل مغادرته الى القمة قائلا “عليك ان تحترم الآخرين ولا تلقي فقط بالاسئلة والتصريحات يا ابن العاهرة.. سألعنك خلال المنتدى الاسيوي ستتمرغ في الوحل مثل خنزيرين اذا فعلت ذلك معي”.
المواقف المتحديه للولايات المتحدة من قبل الرئيس دوتيرتي لم تتوقف عند الاهانات والاتهامات البذيئة، اليوم الاثنين امر جميع مستشاري القوات الخاصة الامريكية التي تساعد القوات الفلبينية في التصدي للمتمردين المسلمين المطالبين بالاستقلال بمغادرة المنطقة والبلاد، وقال ان تحالف الفلبين مع الغرب كان سبب التمرد المسلم المستمر في الجنوب، واحيا دوتيرتي الجهود للتوصل الى اتفاق سلام مع المتمردين المسلمين والشيوعيين لانهاء المواجهات الدموية التي ادت الى مقتل 150 الف انسان، منذ بداية السبعينات.
الرئيس دوتيرتي استأنف المفاوضات مع جبهة مورو الاسلامية للتحرير، اكبر تنظيم انفصالي مسلم يطالب بالاستقلال لمناطق ذات اغلبية اسلامية، قال متحدث بإسمه انه اقدم على خطوة سحب المستشارين العسكريين الامريكيين لرغبته في اتباع سياسة خارجية مستقلة.
الرئيس اوباما الغى اجتماعا كان مقررا غدا (الثلاثاء) مع نظيره الفلبيني على هامش قمة اسيان، ووصفه بالاحمق، ولكنه قال انه “مثير للاهتمام”، وطلب من مساعديه البحث ما اذا كان الوقت مناسبا لاجراء حديث بناء معه، ولكن مستشاريه نصحوه بالغاء اللقاء، تجنبا للصدام، وربما المزيد من الشتائم.
العبارة اللافتة للرئيس دوتيرتي التي وجهها للرئيس اوباما كانت لافتة ومعبرة وهي “اوباما.. انت تتهمني بإرتكاب جرائم.. فليرشق الحجر الاول من لم يرتكب خطيئة”، وهي عبارة شهيرة للسيد المسيح عليه السلام.
لقد كان هذا الرئيس الفلبيني، الذي يذكرنا بالرئيس الليبي الراحل معمر القذافي وشعاراته “طز.. طز.. في امريكا”، مصيبا في عبارته الاخيرة، اتفقنا معه او اختلفنا، فلا يحق لامريكا التي تغزو الدول، وتحتلها، وتزعزع استقرارها وتحاصر بعضها، وتقتل الملايين من ابنائها، ان تلتقي مواعظ ومحاضرات بالفضيلة وحقوق الانسان.
لا نتفق مع الرئيس الفلبيني في الفاظه البذيئة غير اللائقة، ولكننا لا نختلف معه في طرد المستشارين الامريكيين من بلاده لان وجودهم لم يحل ازمة الفلبين، وانما زادها تأزما.
هذا الرجل الذي لا تملك بلاده نفطا، ولا قنابل ذرية وانما ديمقراطية راسخة، يملك الحد الادنى من الكبرياء والجرأة، ويستطيع ان يقول “لا” لامريكا التي احتلت بلاده وعاثت فيها فسادا.
ليت قومي يتعلمون، ولا نقول اكثر من ذلك.