نواكشوط – المختار محمد يحيى : يجهد الشاب الموريتاني عبد اللطيف عبد الودود لمواصلة عمله الدؤوب لتنظيم وتحليل المعلومات، وتسجيل قطع مجموعته النادرة، من الطوابع البريدية والعملات، غير آبه بكل المضايقات التي يتعرض لها وموجة السخرية التي يتلقاها ممن كان ينتظر منهم أن يدعموه.
الشاب الثلاثيني، يعتبر أحد أبرز هواة جمع الطوابع البريدية في موريتانيا، فقد جمع منذ طفولته مئات القطع النادرة من الطوابع البريدية والعملات. كما كتب مقالات حول تاريخ الطوابع، والمعلومات التاريخية والثقافية التي تحيل إليها، بالإضافة إلى إحالاتها الاقتصادية.
لكن في بلد مثل موريتانيا، حديث عهد بالدولة المركزية، وخلافاً للعديد من دول العالم التي تعطي اهتمامً خاصًا لمثل هذه الهوايات، فإن النخب السياسية والثقافية في البلاد كثيرا ما اختزلت الهواية في ملكة قرض الشعر، كما اختزلت الثقافة في الأدب والشعر، نظرا لطبيعة الحياة الثقافية لمدارس الصحراء التي كانت تدرس الشعر وحده من أصناف الأدب والثقافة، حسب دارسين.
ذلك الجو دفع عبد اللطيف مؤخراً إلى التحدث في الإعلام عن مدى تهميش مجاله الذي برع فيه، والذي اكتشف أنه قادر على مزاحمة العديد من أشكال الهوايات والمواهب، وخصوصا بعد سخرية العديد من الشخصيات السامية في الحكومة والوصية على دعم كل ما من شأنه الحفاظ على التراث المادي والمعنوي، وبالتحديد ما يؤرخ لمراحل هامة من تطور البلاد، وعلاقاتها على المستوى الدولي.
وجد عبد اللطيف، حسب ما يقول لـ «القدس العربي»، الكثير من الاحتفاء بهوايته في الخارج، حيث شارك في العديد من المعارض منها (المعرض الخليجي الواحد والعشرين في جدة 2016)، ومعرض للذكرى 125 لفتح مكتب البريد في البحرين، والذكرى 35 لإصدار الدينار البحريني 2016.
كما حضر المعرض العربي للطوابع البريدية في المدينة المنورة 2013، ومعرضين للطوابع في المغرب أكادير والرباط 2015، بالإضافة إلى مشاركته معرض الشارقة للطوابع البريدية 2014.
ومنذ عام 2012 بدأ يعمل بشكل احترافي، وأبرم عديد العلاقات والصلات بزملاء خارج حدود موريتانيا، وأقام 12 معرضا محليا للطوابع البريدية والعملات، فضلاً عن تنظيم نشاطات متنوعة هي الأولى من نوعها في موريتانيا.
ويطمح عبد اللطيف إلى «إنشاء متحف وطني للطوابع البريدية والعملات من أجل حفظ الذاكرة الحية لوطني ولحفظ جانب هام من تاريخه ظل مهملا لمدة طويلة من الزمن، والمشاركة في المعارض خارج البلاد العربية مثل أمريكا وأستراليا»، وفق ما يؤكد.
تعرض الشاب الموريتاني، لمحاولات التثبيط والمس من عزيمته في الاستمرار بهذا المجال الذي اختاره طواعية بعد عشقه للاحتفاظ بالأشياء القديمة والتي تمتلك ذكرى هامة وثمينة.
ويقول في هذا السياق، «جهات تقوم بالسخرية مما أقدمه، وما أعرضه في بعض معارضي داخل الوطن، والتي غالبا تتم بالتعاون مع مراكز ثقافية عربية، بينما تهمش هذه الشخصيات هواة جمع الطوابع والعملات، وتمنعهم من الحق في الحصول على دعم كما كل الاهتمامات الأخرى التي تدخل ضمن اختصاصهم».
وينتقد عبد اللطيف، وزارة التشغيل والتكوين المهني وتقنيات الإعلام والاتصال، الوصية على الشركة الموريتانية للبريد، لأنها «تتنكر لكل المشاريع والبرامج التي يقدمها لهم طلبا للتعاون أو الشراكة أو الدعم، تماما كما تفعل وزارة الثقافة والصناعة التقليدية، ووزارتي الشباب، والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، رغم انه لديه جمعية متخصصة بالمجال الثقافي ومرخصة في سجل المجتمع المدني».
هذا الشاب، الذي التقى عدة مرات بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في جناحه في معارض عديدة داخل البلاد، وأعرب عن أهمية ما يقوم به في سبيل الهواية وحفظ التراث، يحلم ورفاقه أن يكون هنالك دعم خاص لهوايتهم.
ويطالب بـ «إنشاء مكتب وطني للهوايات على غرار المكتب الوطني للموسيقى الذي يحظى بتمويل وعناية من الدولة، ليكون مكتب الهوايات جامعا للعديد منها بقصد تشجيعها والعناية بها ونشرها بين الشباب»، كما يقول.