الحزب الحاكم ينوه بالحوار والمعارضة تعتبره هزيلا وتدعو لآخر جاد
عكس ما كان متوقعاً لم يؤد الحوار السياسي الذي اختتمت أشغاله للتو في موريتانيا ولا تبرؤ الرئيس الموريتاني ولد عبد العزيز خلال الحوار من المأموريات الإضافية، لحل أزمة موريتانيا السياسية بل بقيت الأزمة على حالها كما أكدت ذلك تقييمات المعارضة للحوار ولما سمي هنا «تنازلات الرئيس».
واعتبر سيدي محمد ولد محم رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في اجتماع لقيادة الحزب أمس «أن خطاب الرئيس المؤسس لحزب الاتحاد خلال إشرافه على اختتام جلسات الحوار الوطني الشامل، يعد خطاباً غير مسبوق في مختلف أبعاده ومضامينه، إذ أسس لحقبة جديدة في تاريخ البلاد بكل المقاييس».
وقال «إن الطريقة التي حدث بها رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز الشعب الموريتاني في ختام الحوار الوطني الشامل لم يسبق أن وصل إليها نضج الفكر الديمقراطي التعددي في موريتانيا، ولم تجد الطبقة السياسية الوطنية قبلها رئيس جمهورية يحدثها بكل وضوح وصراحة وحزم وتعقل يظهر الفروق الشاسعة بين من يسعون لتحقيق المصالح العليا للوطن وآمال شعبه الأبي بكل تجرد، ومن يخلطون بينها ومطامحهم الشخصية الضيقة ومآربهم السياسية الآنية».
وأكد رئيس الحزب الحاكم «على استعداد للتعاطي بجدية وإخلاص مع مخرجاته وتوصياته، مشيداً بأن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية كان الحزب الوحيد الذي قدم وثائق عرضت على المتحاورين ونشرت عبر مختلف وسائط الاتصال، وأن تلك المساهمات عكست التناغم الكبير القائم بين توجهات الحزب ورؤية قيادته التاريخية ممثلة في رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، وهو ما تعززه مضامين خطابه التاريخي في حفل ختام الحوار.
وبعيداً من هذه الرؤية، اعتبر القيادي الإسلامي الحسن ولد محمد زعيم المعارضة الديمقراطية «أن مخرجات الحوار الأخيرة لم تكن مستغربة بحكم المسار الذي طبع مختلف محطاته، والتي لم تُراع المصلحة للعليا للوطن، لذا فقد كانت مجمل نتائج الحوار هزيلة، حيث تم الحسم في بعض القضايا الخطيرة كتعديل الدستور والنشيد والعلم الوطنيين وإلغاء مجلس الشيوخ ومحكمة الحسابات وتعزيز صلاحيات الرئيس دون حصول اجماع وطني حول هذه القضايا».
«كما تم الإجمال، يضيف زعيم المعارضة في بيان وزعه أمس، في بعض القضايا التي تتطلب التفصيل بوصفها بعض نقاط الخلاف الجوهري بين المعارضة والسلطة كالقانون الانتخابي وصلاحيات ودور اللجنة المستقلة للانتخابات وحياد الإدارة والمسؤولين الساميين الذين تفرض عليهم مواقعهم التزام واجبي التحفظ والحياد، هذا بالإضافة لتجاهل بعض القضايا التي تعتبر من صميم ترسيخ قيم الديمقراطية ودولة القانون والمواطنة كاستقلالية القضاء وفصل السلطات والعدالة الاجتماعية وتنمية روح الوحدة الوطنية».
وقال«أمام هذا الفشل الذريع حاول رئيس الدولة التغطية عليه بخطاب لم يخل من لغة تضمنت الكثير من الهفوات والسقطات كالتبجح بالانقلابات العسكرية والدوس علي الدستور وإهانة المعارضين والسخرية منهم».
ودعا زعيم المعارضة «للتراجع الفوري عن المسار الأحادي المتمخض عن مخرجات هذا الحوار، اذا ما استثنينا تأكيد الرئيس على عدم الترشح لمأمورية جديدة، باعتباره لا يخدم الوضع السياسي الراهن، مشدداً على ضرورة إطلاق حوار سياسي جدي وشامل يعالج كافة القضايا المتعلقة بهموم المواطنين ويُؤسس لتجربة ديمقراطية تضمن الاستقرار وتوقف أجواء الشحن السياسي التي تطبع الممارسة السياسية منذ سنوات بفعل أحادية وتسلط النظام».
وفي الاتجاه نفسه ذهب المنتدى الوطني للديمقراطية الذي هو أكبر تجمع سياسي معارض، حيث أكد في بيان وزعه أمس «أن المجتمعين في قصر المؤتمرات خرجوا بنتائج حوارهم الأحادي، وهي نتائج بدت هزيلة في مضامينها، مائعة في صياغتها، ولا تجيب على الأسئلة المطروحة».
وذكر المنتدى المعارض «بأن موقفه الرافض لهذا الحوار الأحادي كان في محله، فقد أوضحت تحضيراته وجلساته وصيغ التعامل حتى مع المشاركين فيه أننا أمام إخراج سيء لقرارات سابقة كان ولد عبد العزيز قد أعلن عنها من قبل في خطاب النعمة».
وأضاف «أن مخرجات هذا الحوار الأحادي عكست حقيقته حيث أنها مجموعة فقرات لا توضح أمراً ولا تحز في مفصل، وغابت الأمور الجوهرية والتي تتصدرها في الشأن السياسي ضرورة وضع حد لاختطاف الدولة وسلطتها ومقدراتها وأجهزتها وتسخيرها من طرف النظام ضد الفرقاء السياسيين الآخرين، وهو ما نعبر عنه بحياد الدولة والإدارة في التنافس السياسي وضمان تكافؤ الفرص وشفافية النزال الانتخابي، وهذه النقطة جوهرية وأساسية في خلافنا مع النظام، ويتقدمها على مستوى الملفات الوطنية ضمان مواطنة متساوية تقوم على العدل وتحمي الوحدة الوطنية وتقضي على ممارسات الرق ومخلفاته وتضع حدا للتمييز والتهميش».
وأكد المنتدى «أن تعديل الدستور يلزم أن يكون في أجواء التوافق لا في ظروف الحدية والأزمات، فهو ليس وثيقة عادية ولا يجوز العبث به حسب الأهواء والرغبات، والأمور المطروحة لا تبرر ذلك وبعيدة عن طابع الاستعجال، خصوصاً أن فيها رموزاً عرفها الموريتانيون وتعودوا عليها وغنوا لها واعتزوا بها، فلا يستساغ أن يعبث بها أحد، ثم إن الخشية تظل قائمة في فتح التعديلات على نحو مشبوه».
ودعا المنتدى المعارض «إلى مزيد من التنسيق بين قوى المعارضة الديمقراطية، فالمرحلة القادمة تحتاج ذلك ومواجهة مناورات النظام تستلزمه»، كما دعا المنتدى «جماهير نواكشوط الى المشاركة الفعالة في المسيرة المقررة يوم 29 تشرين الأول/أكتوبر الجاري رفضاً للتلاعب بالدستور ولاستمرار حكم النهب والفساد والتجويع ووقوفاً ضد سياسات القمع والتضييق»، حسب تعبير المعارضة.
عبد الله مولود
«القدس العربي»