انتقدت المعارضة الموريتانية بشدة أمس انتشار الرشوة في أروقة الإدارة الموريتانية وقدمت حصيلة لعديد «الصفقات المريبة» التي شهدتها موريتانيا منذ وصول الرئيس محمد ولد عبد العزيز للسلطة عام 2008.
وجاءت هذه الانتقادات في بيان علقت فيه المعارضة أمس على برنامج موسع نفذته الحكومة للتو إحياء لليوم العالمي لمكافحة الرشوة الذي تستذكره المجموعة الدولية منذ 2003، في التاسع من شهر كانون الأول/ديسمبر من كل عام.
ووحدت الحكومة الموريتانية خطب الجمعة الماضية لتنتقد كلها خطورة الرشوة، وقاد أعضاء الوزراء وأعضاء البرلمان مسيرات راجلة تعبيراً عن رفض الرشوة والفساد.
وأكدت المعارضة في بيانها «أن موريتانيا تشهد منذ 2008 حالات غير مسبوقة من سوء التسيير في القضايا العمومية على يد النظام الذي يحكمها حالياً».
«إن أي موريتاني وأي مراقب للحياة العامة في موريتانيا ولو كان مغفلاً، تضيف المعارضة، لا يمكن أن يفوته ما شهدته موريتانيا وتشهده كل يوم من فضائح الفساد التي كان من اللازم أن تقود لإقالة المسؤولين عنها وحماتهم وشركائهم والذين يوجد رئيس الدولة شخصياً من ضمنهم، وتقديمهم للعدالة لمحاكمتهم على ما اقترفوه من جرائم».
وأكدت المعارضة «استحالة حصر الفساد المستشري في موريتانيا غير أنها قدمت بأنها أمثلة واقعية على ذلك، بينها صرف النظام عام 2008، للمساعدة السعودية البالغة خمسين مليون دولار في شراء غامض للطائرات والتجهيزات العسكرية، وشراؤه الغامض كذلك لطائرات الخطوط الجوية الموريتانية، وتشييده الغامض لمطار نواكشوط الدولي».
«ومن أمثلة الفساء المستشري، تقول المعارضة، الصفقات والأشغال التي نفذت ضمن التحضير للقمة العربية التي استضافتها نواكشوط في شهر تموز يوليو الماضي، كما أن من حالات الفساد الغريبة، مختلف الصفقات المتعلقة بالبنى التحتية التي تنفذ خارج معايير الشفافية مثل مشروع الصرف الصحي في العاصمة، وتوسيع ميناء العاصمة، ومحطة الكهرباء التي دشنت عام 2015، وفضيحة الرشا المدفوعة لعدد من كبار المسؤولين من طرف شركة كنروس الكندية لإنتاج الذهب». ودعت المعارضة في بيانها « القوى الموريتانية الحية وشركاء موريتانيا كافة للتحقيق في الفساد المستشري والرشوة المنتشرة وأن يتحمل الجميع مسؤولياته من أجل محاربة هذا السلوك المدمر الذي يهدد استقرار موريتانيا ويربك مجهودات التنمية الاقتصادية والاجتماعية».
وأكدت المعارضة «أنها كانت تود أن يتجسد اهتمام الحكومة بإحياء اليوم العالمي لمكافحة الرشوة، في حالات تقدم ملموسة في مجال القضاء على الفساد المستشري في مفاصل الدولة، غير أن ما وقع كان عكس ذلك، حيث أن الرشوة التي تقوض أسس الديمقراطية ودولة القانون والتي تحد من جودة الخدمات العمومية وتربك حياة المواطن المواطنين، قد تحولت منذ انقلاب 2008 ومنذ وصول النظام الحالي للسلطة إلى كارثة بل إلى نمط للحكم».
«فمنذ أن وصل نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز للسلطة ورغم ما يعلنه هذا النظام من شعارات مناهضة للفساد، تضيف المعارضة، أصبح الثراء السريع بواسطة الرشوة أمراً واقعاً يراه الجميع، حيث لم تصادق الحكومة على الخطة الوطنية لمكافحة الرشوة التي استكمل وضعها في عام 2008، إلا يوم التاسع من ديسمبر/ كانون الأول 2010، والأدهى من ذلك تقول المعارضة، أن غالبية الإصلاحات التي تضمنتها الخطة لم يبدأ تطبيقها لحد الآن، كما أن الإجراءات القليلة التي أجيزت ظلت حروفاً ميتة».
وأوضحت المعارضة «أن الجميع يتذكر امتناع الرئيس ولد عبد العزيز عن الإعلان عن ممتلكاته طبقاً لما ينص عليه القانون رقم 054/2007 الصادر يوم 18 أيلول/سبتمبر 2007 والمتعلق بشفافية التسيير المالي للشأن العام».
وتأتي انتقادات المعارضة في وقت يؤكد تقرير صادر البنك الدولي منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي «وجود تراجع في الحكامة وانتشاراً للرشوة والفساد وغموضاً في آليات الصرف العمومي في موريتانيا». واحتلت موريتانيا، حسب التقرير، المرتبة قبل الأخيرة في مؤشر محاربة الرشوة في دول إفريقيا جنوب الصحراء تليها في ذلك جمهورية تشاد.
عبد الله مولود/نواكشوط ـ «القدس العربي»