اذا صحت الانباء التي تفيد بأن منفذ الهجوم على الملهى الليلي، او المطعم (سموه مثلما تريدون) في مدينة إسطنبول الذي أعلنت “الدولة الإسلامية” عن مسؤوليتها عنه، نجح في الوصول فعلا الى مدينة الرقة عاصمة “الدولة” في الشرق السوري، فان هذا يعتبر نكسة كبيرة للامن التركي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
تقارير إخبارية، ربما جرى تسريبها عمدا من قبل أجهزة اعلام “الدولة”، أفادت بوصوله الى المدينة، وانه جرى رصد احتفالات بهذه المناسبة، يوم امس الأربعاء، ولكن لم يصدر أي تأكيد من أي مصدر موثوق لها، ولا نستبعد احتمال ان تكون هذه التسريبات من قبيل التضليل أيضا.
السيد ويس قايناق، نائب رئيس الوزراء التركي، كشف اليوم (الخميس) وللمرة الأولى منذ وقوع الهجوم بعد نصف ساعة فجر ليلة الاحد الماضي، ان المهاجم ينتمي الى اقلية اليوغور الإسلامية المتمركزة في منطقة شينجيانغ، غرب الصين، وتسمى في تركيا “شرق تركستان”، ولم يستبعد السيد قايناق هروب المنفذ الى الخارج في المقابلة التلفزيونية التي بثت اليوم.
مرور خمسة أيام على تنفيذ الهجوم ودون القاء القبض على المنفذ يؤكد فشل السلطات الأمنية التركية، وكل إجراءات الطوارئ التي اتخذتها، وتمثلت في نشر عشرات الآلاف من رجال الامن السري والرسمي العلني في انحاء إسطنبول، تحسبا لمثل هذه الهجمات، وكذلك تمديد الاحكام العرفية التي جرى تطبيقها منذ تموز (يوليو) الماضي (توقيت حدوث الانقلاب) لمدة ثلاثة اشهر أخرى، هذه الأيام الخمسة، ربما تكون كفيلة بهروب المهاجم سواء الى الخارج غربا، أي نحو اليونان وبلغاريا، او الى سورية شرقا، طالما انه ينتمي الى “الدولة الإسلامية” التي تتمتع بحاضنة قوية في العاصمة التركية ومدن أخرى، وتملك خبرات عالية جدا في مضمار عمليات التهريب للأسلحة والافراد معا.
صحيح ان السلطات الأمنية التركية اعتقلت حتى الآن 36 شخصا من بينهم زوجته (المهاجم) التي كانت تقيم مع ولديهما في مدينة “قونية”، ولكن هذا لا يعني ان جميع هؤلاء متورطون، خاصة أولئك العاملين في مطعم اعترف صاحبه في رواية لاحدى وكالات الانباء التركية الخاصة، ان المنفذ اقترض مبلغا ماليا منهم، لدفع اجرة تاكسي استقله الى منطقة ريتنبورنو في الشق الأوروبي من المدينة.
هذا القصور الأمني ربما يشجع “الدولة الإسلامية” التي أعلنت الحرب على تركيا والرئيس اردوغان “حليف الصليب”، على حد وصف بيانها الأخير، وهي ليست بحاجة الى تشجيع أساسا لتنفيذ هجمات أخرى مماثلة، للانتقام من تدخله عسكريا (اردوغان) للقضاء عليها في مدينة الباب بعد جرابلس، وتوفير الطائرات الامريكية الغطاء الجوي القوات “درع الفرات” التركية المهاجمة على الأرض.
من المؤكد ان “الهيبة” الأمنية لتركيا تضررت كثيرا من هذا الهجوم في وقت تحتاج البلاد الى الامن والاستقرار لوقف حالة التدهور الاقتصادي الحالية المتسارعة، وفشل قوات الامن من منعه أولا، والقاء القبض على منفذه، ستدفع كثيرين للتردد في زيارة العاصمة التاريخية والسياحية إسطنبول، ناهيك عن بقية المدن والمنتجعات السياحية الأخرى، وهذا ما أراد المهاجم والتفجيرات السابقة تحقيقه.
“راي اليوم”