الطوارق أو أمازيغ الصحراء ويطلق عليهم أحيانا “رجال الصحراء الزرق”شعب من الرحّل والمستقرين الأمازيغ يعيشون في الصحراء الكبرى خاصة في صحراء الجزائر، ومالي، والنيجر وليبيا وبوركينا فاسو. والطوارق مسلمون سنيون مالكيون مع خلط من العقائد الأفريقية، ولهم نفس هوية سكان شمال أفريقيا، ويتحدثون اللغة الأمازيغية بلهجاتها التماجقية والتماشقية والتماهقية، وبعضهم يتحدثون العربية بلهجاتها الجزائرية والجزائرية الصحراوية.
أصول الطوارق يرجح بعض المؤرخين أن شعب الطوارق هم أحفاذ القارامانت الذين عاشوا في سهول فزان بليبيا وهناك من يقول بالعكس بدليل أن القارامانت حسب المؤرخين القدماء كهيرودوت هم من ذوي البشرة السوداء أما الطوارق فهم بيض ثم أن الشعوب التي شاركت مباشرة في تكوين الطوارق لم يسكنوا فزان وهم قبائل هوارة، اللمطة، إزناكن، إماسوفن العلاقة الوحيدة بين الطوارق والقارامنت هو تسمية الثانية لفزان وهي تارقة والتي صارت فيما بعد تسمية فرقة صنهاجة الملثمون.
الطوارق يفضلون تسميتهم ب”إيماجيغن” أو “إيموهاغ” ومعناها بالعربية “الرجال الشرفاء الأحرار”. و معظم الطوارق يرفضون تسميتهم بالبربر لانها تسمية مختلفة عنهم قليلا لذلك يفضلون تسميتهم ب اكيل تمشاق أو ايموهاغ للمرأة مكانة عظيمة لدى الطوارق. وتتمتع المرأة الطوارقية باستقلالية كبيرة ولو كانت متزوجة وأشهر شخصية في تاريخ الطوارق هي امرأة اسمها تينهنان وهي زعيمة أسست مملكة هقار. يعيش الطوارق في خيام ولكن جزءا كبيرا منهم يستقر في بيوت طينية. توفر الخيام التي تصنع من أثواب خشنة تغزل من شعر الماعز وتشد إلى ركائز (أوتاد) يتم تثبيتها بحبال تزرع في باطن الأرض في معاقف، مأوى آمن ضد حر الصحراء الصهيب والمناخ القاسي. ويبدو في وسط الخيمة دائما طاولة صغيرة لشرب الشاي، وطاولة أطول تخصص عموما للضيوف وعابري السبيل، وهذه من عاداتهم وعندما تهرع المرأة الطارقية إلى الخارج وهي تحمل آنية مملوءة بحليب الناقة فهذه علامة على الترحيب بالقادمين سواءأكان فردا من العائلة قد جاء بعد سفر أو ضيفاعابر سبيل، والمرأة عند الطوارق لا تحجب عن وجهها لقرون تشبث الطوارق بتقاليدهم خصوصا في اللباس، إذ يتلثم الرجال غطاءً للوجه دائما عند تجولهم في الخارج، قد يكون هذا التقليد ناتجاً عن الظروف القاسية للبيئة الصحراوية التي يعيشون فيها، ولكن له دلالات ثقافية أكبر. ويسمى اللثام بـ “تاكلموست” حيث أنه من العيب على الرجل ان يظهر فمه للاخرين. وتعود قصة اللثام حسبما رواها عدد من مختلف أعيان قبائل الطوارق، اتفقوا على روايتها، لتبدو جزءا من تاريخهم المشترك. وهي أن ….غزاة هاجموا ذات يوم القبائل الطرقية، ونهبوا ماشيتهم، وأرزاقهم، وأسروا بعض رجالهم. فثارت النساء الطارقيات أيما ثورة في وجوه رجالهم الذين لم يتمنكنوا من صد العدو ، فأخذت النسوة سلاح الرجال من سيوف وتروس، وامتطين المهاري، وتعقبن الغزاة، ولحقن بهم، ودارت معركة طاحنة بين الطرفين، انتصرت فيها نساء الطوارق، واسترددن ما نهبه الغزاة، واستولين على ماكان معهم، وفكوا أسر رجالهم، وعادت النسوة بالغنائم إلى شيخ شيوخ قبائل الطوارق، وقد حكم الشيخ لهن بريادة وقيادة شؤون العائلة، بأن تكون المرأة هي الرقم الأول في العائلة، وحكم على الرجال بستر وجوههم كتعبير عن عار هزيمتهم “غير أن الباحثان جانت وإليزي اعتبرا الحكاية من الأساطير الشعبية، وعارية عن الصحة، وأوضحوا أن مكانة المرأة المرموقة في المجتمع الطارقى، تعود إلى أسباب موضوعية، وهي السفر الدائم للرجل الطرقي، وغيابه بالأشهر وربما أعوام في ترحاله لكسب العيش مع القوافل مابين مالي والنيجر وليبيا والسودان، لذا أوكلت إدارة شئون العائلة للمرأة باعتبارها مستقرة دوما في البيت. إذا أراد الطارقي التقدم لإحدى الطارقيات فان عليه أن يبعث شيخا كبيرا أو إمام مسجد لطلب الزواج ولو لمسافة 300كيلو متر يقطعها في الصحراء على ظهور الجمال وفي حال الموافقة فانه ينصرف لجمع أموال العقد فيما تطلب أم الطارقية من نسيبها مهلة لترتيب البيت وغالبا لا تزيد المهلة على عام واحد يأتي العريس بعد عام وثلة من بني عمه وإخوانه إلى بيت والدة العروس كضيف لثلاثة أيام ويستمر الطبل قائما ليل نهار ومن بعد ذلك يأخذ زوجته يعد تعدد الزوجات عند قبائل الطوارق.. وإن هي تؤمن بالكتاب والسنة الشريفين.. ظاهرة نادرة الحدوث عند الطوارق فهم يرون في غالبيتهم وبالأخص عند النساء أنه من غير المعقول احتفاظ الرجل بالمرأة الأولى والزواج في الوقت ذاته بثانية لذا قد تجد رجالاً طاعنين في السن لم يرزقوا الولد ولكنهم لم يفكروا يوماً في الزواج ثانية بحثاً عن المرأة التي تنجب له البنين والبنات ولا التفكير أيضاً في الطلاق.. الأمر الذي يجعل من الشاذ وجود امرأة طارقية تقبل العيش مع زوجها إذا علمت أنه يعيش مع غيرها أو ينوي الزواج من أخرى.. ولا غرو ان تسمع وأنت تسأل النساء الطارقيات عن أهم وأول ما يشترط في الخاطب الذي يتقدم لخطبة الطارقية ألاّ يكون متزوجاً ولا يفكر اطلاقاً في الجمع بين الزوجتين أو التعدد كما يشترط منه ان يكون من الطوارق وأجمل منه من العائلة.. وإذا حدثت ان توفرت في الخاطب كل الشروط التي ترضي أهل الفتاة لا الفتاة ذاتها التي يبقى رأيها غير مبال به.. فإن الفاتحة أي العقد الشرعي لا يتم قراءتها إلاّ ليلة الدخلة أي يوم الزفاف ومن الاعراف الراسخة عند الطوارق ” ان لا تلبس العروس ما يأتيهامن ثياب وقماش يمنحه إياها أهل العريس.. وتكتفي بارتداء ما يقدمه لها والدها وإلاّ سمعت من عائلة الزوج ما لا يرضيها ويرضي عائلتها.. كأن يقال لها يوم زفافها أنها جاءت “عارية” أي لا تملك من لباسها الخاص شيئاً.يأتي يوم الزفاف.. فتغتسل العروس وتتعطر وتلبس أجمل “الحولي” والمتمثل بالنسبة لهذه المناسبة في الحولي الأبيض كما تكسى كلية بشتى أنواع الحلي الجميلة الأشكال والألوان المصنوعة كلها من الفضة الخالصة.. ثم تتزين باستعمال “تازوت” أي الكحل فقط. لا يرى عروسه إلاّ ليلاًتقضي العادة أيضاً عند قبائل الطوارق ان تمكث النساء الطارقيات الحديثات العهد بالزواج العام الأول من زواجهن في بيوت أمهاتهن حتى يضعهن حملهن الأول وهناك من تقضي أكثر من عام أو عامين، وحسب العرف الاجتماعي المتبع في المجتمع الطارقي فإن الزوج طيلة الفترة التي يقضيها رفقة زوجته في بيت أهلها لا يراها إلاّ ليلاً.. عدا ذلك فهو يقضي صباحات ومساءات عامه الأول من الزواج في بيت أهله يأكل ويشرب وينظف ثيابه عندهم.. وعندما سألنا العجوز التي ظلت ترافقنا من بيت إلى آخر حول المغزى من كل هذه العادات التي تعقب الزواج ردت قائلة إنها عادة حميدة.. وهي أصلاً لمصلحة الزوجين اللذين لا يستطيعان وهما في أول تجربة لهما مع تدبير شؤون المنزل وتوفير مستلزماته الضرورية.. ويمكننا اعتبار هذه العادة بمثابة الأخذ بيد العروسين المبتدئين حتى يتدرجا في معرفتهما بمتطلبات الحياة الزوجية من جانبها الاجتماعي والعلائقي فيحيا بعد هذه التجربة حياة هادئة هنية يتقاسمان في ظلها مشاق العمل. إن النساء الحوامل عند الطوارق عادة ما لا يجلسن أمام أفراد عائلاتهن أو أقاربهن.. إنه من العيب اجتماعياً ان ينكشف بطن المرأة الطارقية الحامل أمام والدها أو أفراد قبيلتها.. لهذا وحسب ما قالته النساء فإن الطارقية عادة ما تبكي حين تدرك أنها حامل.. حيث يرغمها حياؤها واحترام أهلها على ستر بطنها ب “الحولي” الأسود اللون الذي يغطي كامل جسدها.. أما عندما يأتيها المخاض فتجدها ودون ان تشعر أحداً بذلك تفلت بجلدتها بعيداً عن القرية باتجاه البراري حتى لا يسمع الأهل آلام وصراخ المخاض. ومن عادة النساء الطارقيات ان يترقبن الحامل دون ان تحس بهن لتتبعنها حيثما تذهب قصد مساعدتها على الوضع. وإذا حدث وان تعسرت الولادة تهرول النسوة إلى “اسلم” أي الطالب الذي يكتب لها “حرزاً” يتضمن كما تقول كلام الله تشربه بعد بله في قليل من الماء حتى يسهل عليها وضع الجنين. بعدها تعود العائلة إلى بيت النفساء.. فإذا كان المولود ذكراً.. أي “ارو” فإن النسوة سرعان ما تطلق زغرودات ثلاث تعبيراً عن جنس الرضيع وفرحاً به.. أما إذا كان المولود “انثى” فإن الأهل يستقبلونها بسرور (حاف).. ومن عادة الطوارق ألاّ يمنحوا الاسم للمولود الجديد إلاّ بعد سبعة أيام من ميلاده حيث يأتي ثلاثة أفراد من عائلة المولود بثلاثة عيدان خشبية.. يقترح كل واحد منهم اسماً ينقشه فوقها وتأتي القرعة لتحسم في الاسم الذي سيحمله المولود إلى مماته وتقرأ الفاتحة ثم يكشف الحضور عن التسمية التي تتبع بحفل بهيج من حفلات التندي. وكما يقول الباحثون إن الأهمية الأولى في قبائل الطوارق تعطى لأصل الأم وليس لأصل الأب. وان الرجل الذي تنتمي أمه إلى قبيلة محترمة على سبيل المثال يمكن له احراز موقع هام في حكم جبال الأهقار حتى وإن كان والده غير معروف الأصل.. ولكن الرجل الذي لا يعرف أصل أمه لا يمكن له ان يتقلد زمام السلطة في هذه القبيلة حتى وإن كان والده ينتمي إلى أشرف العائلات الطارقية!!