بتقديم استقالته، طوى الدبلوماسي الامريكي السابق، كريستوفر روس، ، صفحته المغاربية، بعد اكثر من ثلاثة عقود من التنقل بين المغرب والجزائر، كان آخرها ممثلاً شخصياً للامين العام للامم المتحدة للصحراء الغربية امضى فيها ثماني سنوات يحاول إعادة جبهة البوليساريو والمغرب إلى طاولة المفاوضات لإنهاء النزاع الدائر بينهما منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي.
وقال جيفري فيلتمان رئيس الشؤون السياسية بالأمم المتحدة، الإثنين، إن روس قدم استقالته، لانطونيو غوتيريس، الامين العام للامم المتحدة، من مهمة الممثل الشخصي له للصحراء الغربية.
وأضاف ان روس «عمل ثماني سنوات في محاولة للتوصل لإطار يتمكن خلاله الطرفان من استئناف المفاوضات على أساس غير مشروط بشأن التوصل لتسوية دائمة لهذا النزاع الا انه «لم يستطع إعادة الطرفين للمفاوضات.. وقدم استقالته للأمين العام للأمم المتحدة للبت فيها في الوقت الذي يراه مناسباً».
وعمل الدبلوماسي الامريكي كريستوفر روس، الذي يتقن اللغة العربية، في سبعينيات القرن الماضي، مديرا للمركز الاعلامي الامريكي في مدينة فاس كما عين بعد ذلك سفيراً لبلاده بالجزائر، وربط علاقات غير رسمية مع قيادات في جبهة البوليساريو، وهو ما جعل المغرب يتخوف من تعيينه 2008، ممثلاً شخصياً للامين العام للامم المتحدة للصحراء، خلفًا للوزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر، الا انه امام اصرار بان كي مون الامين العام السابق على تعيينه، جعل المغرب يقبل التعامل معه على امل ان تتبدد مخاوفه.
وحفلت السنوات الثماني الماضية بتوترات بين المغرب وروس، وان كان قد نجح في عقد لقاءات عدة (9 جولات اطلق عليها صفة غير مباشرة) بين المغرب وجبهة البوليساريو، في نيويورك وجنيف، كان روس يقول انها تستهدف خلق ثقة بين الطرفين، الا ان هذه اللقاءات لم تسفر عن اختراقات واضحة في عملية السلام الصحراوي ولم ينجح، قبل ان تتوقف بعد اتهامات مغربية لروس بالإنحياز وعدم المهنية وطلب 2013 استبداله بدبلوماسي اوروبي الا ان بان كي مون، مدعوماً من الإدارة الأمريكية، اصر على بقاء روس التي واصلت الرباط رفض التعامل معه وعدم استقباله. وقالت مصادر دبلوماسي بالرباط لـ«القدس العربي» ان المغرب ابلغ الأمين العام الجديد للامم المتحدة انطونيو غوتيريس، في اول اتصال بينهما حول الصحراء، رغبته باستبدال روس، الذي غاب اسمه عن الازمة في منطقة الكركرات التي تعرفها الحدود المغربية الموريتانية، والتي كادت ان تؤدي الى مواجهة مسلحة بين قوات مغربية بالمنطقة وقوات جبهة البوليساريو لم يكن يفصل بينهما سوى 120 متراً، تجول بها قوات الامم المتحدة المنتشرة بالصحراء (مينورسيو).
وحمل محمد اخداد منسق علاقات الجبهة مع الأمم المتحدة المغرب مسؤولية استقالة روس وقال إن استقالة روس تأتي «نتيجة عرقلة المغرب» المفاوضات حول مستقبل هذه المنطقة. وقال إن الاستقالة سببها كذلك «لامبالاة مجلس الأمن الدولي حيال طرد المغرب لعاملين» في بعثة الأمم المتحدة للصحراء في 2016. وتأتي استقالة روس بعد محادثة هاتفية بين غوتيريس والملك محمد السادس في وقت سابق الشهر الحالي، تطرقا فيها للوضع في الكركرات.
وأرسل المغرب في آب/ اغسطس الماضي فرقاً لمنطقة الكركرات، التي تقع خارج الجدار الامني الذي زنر به المغرب الصحراء الغربية، لتطهيرها من المهربين وتجار المخدرات وتعبيد الطريق الرابط بين نقطتي الحدود المغربية والموريتانية.
واعتبرت جبهة البوليساريو خروج القوات المغربية من خلف الجدار خرقاً لاتفاقية وقف اطلاق النار 1991، وارسلت في البادية دوريات غير مسلحة ثم دوريات مسلحة، تحت مراقبة قوات الأمم المتحدة، دون ان تقترب من القوات المغربية، واقامة نقاط عسكرية ثابتة كما قام زعيم جبهة البوليساريو ابراهيم غالي للمنطقة.
وصعدت جبهة البوليساريو نهاية شباط/ فبراير الماضي خطواتها بمراقبة الشاحنات المغربية المتوجهة نحو موريتانيا، وأجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس اتصالاً هاتفياً بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس لابلاغه بمخاطر ما تقوم به قوات جبهة البوليساريو ثم اعلن المغرب سحباً أحادي الجانب لقواته من المنطقة ودعوة الامم المتحدة لضمان تطبيق وقف اطلاق النار، الا ان جبهة البوليساريو لا زالت ترفض سحب قواتها.
ونشرت وكالة الانباء الاسبانية «ايفي» تفاصيل زيارة ميدانية قامت بها إلى الكركرات، حيث تمكنت من الحديث مع بعض مقاتلي الجبهة الممتنعين عن الانسحاب وقالت إن عدد مقاتلي الجبهة الذين يرابطون في نقطة التفتيش في الكركرات يصل الى 12 شخصاً، عوض الـ20 الذين تتحدث عنهم الجبهة، يقومون بمراقبة العربات والشاحنات المتوجهة صوب موريتانيا، كما عمدوا إلى نشر رايات الجمهورية الصحراوية التي أعلنتها الجبهة من جانب واحد 1976.
وأضاف التقرير أن نقطة تفتيش تتمثل في برجين للمراقبة بأحجار الصحراء، على خيمة بناء، ووجود ثلاث شاحنات سحب مفتوحة من نوع «البيكوب»، ستة أعلام للجمهورية كما ان عناصر الجبهة يرتدون بذلاً دون إظهار السلاح.
وكشفت الوكالة محاولة عناصر الجبهة استفزاز أصحاب الشاحنات والسيارات المغاربة، أن الـ12 مقاتلاً لا يراقبون وثائق العابرين السائقين ولا تفتيش محتويات الشحنات المحملة في السيارات، في المقابل يصرون على التأكد من ان لا تظهر الشاحنات رايات المغرب أو خرائط تشمل كل التراب المغربي. فيما تراقب ثلاث عربات تابعة لعناصر المينورسو حركة السير في نقطة التفتيش التي وضعتها الجبهة على بعد 200 متر من مقاتلي البوليساريو وتتدخل في بعض الأحيان للحديث مع عناصرها وقال احدهم أن «الوضع هادئ»، وانهم يحرصون على عدم دخول شاحنات تحمل علم أو خريطة المغرب فقط. ونشر مغربي سائق شاحنة لنقل البضائع، فيديو يوثق قطع الطريق أمام الشاحنات المغربية، بمنطقة الكركارات، وتهديد مقاتلي جبهة البوليساريو لهم بالسلاح، ووضعهم أمام خيار الامتثال لأوامرهم أو الموت.
وقال سائق الشاحنة، الذي ظهر خلال الفيديو، إن عناصر البوليساريو، تفرض عليهم نزع «الفينييت» الضريبة على السيارات، من الزجاج الأمامي لشاحنته، كذا نزع ترقيمها، قبل السماح لهم بعبور منطقة الكركارات نحو موريتانيا.
واضاف أنه ورغم حجبهم لـ»الفينييت» تحت التهديد بالسلاح، إلا أن عناصر البوليساريو تفرض نزعها، بل وتهدد باطلاق النار عليهم، إن هم لم ينفذوا أوامرهم.
ويظهر الفيديو، على بعد أمتار من الشاحنة، عناصر البوليساريو فوق مركبات عسكرية، يعترضون طريق الشاحنة المتوجهة نحوهم، ويمطرون المغاربة بالسب والشتم كما يظهر من خلال الرواية في الفيديو، إنهم «أصبحوا يدخلون المنطقة بالقرطاس (بالرصاص)».
وتتحدث تقارير نشرت في المغرب عن تعزيز الجيش الجزائري وجوده في الحدود الغربية الجنوبية مع المغرب، على خلفية التوتر التي تعرفه المنطقة ورفض جبهة البوليساريو طلب الأمم المتحدة الانسحاب الفوري من المناطق العازلة الواقعة خلف الجدار.
وحث رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، قبل أيام، وحدات القوات المسلحة الجزائرية المرابطة عند حدود البلاد الجنوبية، على الحفاظ على «حالة التأهب القصوى». وقال المسؤول العسكري الجزائري إن الغرض من هذا التحرك هو «ضمان أمن الجزائر»، فيما اعتبرت مصادر أخرى أن الجيش الجزائري يسعى لمحاصرة الجيش المغربي الموجود على طول الحزام الأمني الرملي بالصحراء.
ويقف الجيش الجزائري على بعد كيلومترات قليلة من الجيش المغربي، شرق الصحراء فيما ترفض قوات البوليساريو الانسحاب من منطقة الكركرات العازلة.
وبرر القائد العسكري الجزائري تواجد الجيش بقوة في الحدود مع المغرب، بـ»تضييق الخناق على تحركات المجرمين وأذنابهم من عصابات التهريب بمختلف أشكاله وتجار المخدرات، بهدف تخليص بلادنا من هذه الآفات والشرور الخطيرة».
الرباط – «القدس العربي»