شكل الدكتور يعقوب ولد أمين أملا للمعارضين الموريتانيين، وللشباب الموريتاني، وكان بالنسبة لعدد من المحللين شخصية تستحق أن تقود يوما الطموح المعارض نحو الرئاسة، وهو يملك لذلك كافة المؤهلات ومن أبرزها أنه شاب ومثقف ومؤمن بهذا الوطن حد البكاء ..
شخصيا كنت لن أبخل عليه بصوتي وجهدي إن ترشح يوما عن معارضة نظام ولد عبد العزيز ... ولكني أعتقد أن الدكتور يعقوب استعجل في تسيير طموحه السياسي، وتخلى بسرعة عن ما حقق من شعبية وكاريزما طيلة السنوات السابقة.
لا يتعلق الأمر بتأسيس حزب سياسي، فالحزب قد يكون مرحلة مهمة من مراحل النضال، انما الامر متعلق بالنكوص عن الخط السياسي والخطاب الوطني المناهض لسياسات لم يطرأ عليها تغيير حتى تسوغ له هو أن يتغير بهذه الدرجة .
فماذا لو التف الشباب والمعارضة خلف يعقوب يوما لرئاسيات موريتانيا، وهو الأقرب لذلك الالتفاف؟ .. لم يهتم الدكتور بما حقق لنفسه سياسيا، وانتظر حتى أواخر أيام النظام الحالي، ليتخلى عن رصيده ويمد إليه يده لانتشاله من الغرق ..
لم أستوعب أن يزلزل يعقوب طيلة سنوات مضت قبة البرلمان بمرافعاته وأدلته الواضحة على الفساد والظلم، ليقف في آخر المطاف مكذبا نفسه، وضاربا عرض الحائط بكل ذلك الألق والصدق الدامع .. لم استوعب كيف يعمل على انتشال نظام يتردى في آخر عمره، وهو الذي كان يستعجل رحيله في سنوات حكمه الأولى .
لا استوعب أن يحرق رجل نضاله وتاريخه ويمنح رمادهما مرهما لجراح نظام يتغذى على جراح شعبه ....
سنحترم للدكتور يعقوب خطه وتوجهه السياسي، ولكن لا أحد يمكنه أن يحرمنا التعبير عن صدمتنا في رجل كان أملنا في التغيير القادم ..
إن من تابع مقابلة الرجل البارحة سيزداد صدمة .. عندما يرى مدى حرجه وهو يحاول تبرير ما لا يمكن تبريره.. فليس الصوت صوت يعقوب الجهوري، وليس الجلسة جلسة يعقوب التي كانت تحدق في الكاميرا دون خوف أو وجل ... يعقوب لم ينظر الى المشاهد الا نادرا ولم يعط للمقدم أكثر من التفاتيتن فيهما تشنج واتهام وشعور بالمؤامرة ....
لم يعد الدكتور يعقوب يعقوبنا الذي كنا نعرف ... وهو في آخر المطاف حر في اختيار خطه ومسيرته السياسية.. وعلينا أن نحترمها له ..
مهما يكن يا دكتور : من جانبي احترامك سابق وباق ...ولو لم تكن أنت أنت لما هرقنا كل هذا المداد ...
لكن عليك وعلى أنصارك أن تعلموا أن الصرخة لا تكون إلا بحجم الطعنة، وأن النزيف يكون بمساحة الجرح.