رغم مرور أكثر من 24 ساعة عقب حادث انفجار قنبلة الرياض التي أودت بحياة شاب عشريني وإصابة رجل في حدود الخمسين من العمر، ما تزال أسئلة كثيرة عالقة دون إجابة، سواء لدى ذوي الضحية ومعارفها، أو لدى الرأي العام الموريتاني.
"الأخبار" تتبعت مسار الحادث وساعات ما قبل انفجار القنبلة، وحاورت شهود العيان وذوي الضحية، بحثا عن الإجابة على أسئلة من بينها: أين عثر على القنبلة؟ وكيف وصلت الحي الشعبي؟ ومن أوصلها إليه؟
في حين بقيت أسئلة أخرى تتعلق الإجابة عليها بنتائج التحقيق الذي أعلنت عنه وزارة الدفاع، وهو ثاني تحقيق في الحادث بعد التحقيق الذي تتولاه الشرطة والنيابة.
كيف حدث الانفجار؟!
في حدود الساعة الخامسة وعشر دقائق من مساء الاثنين 27 مارس 2017، هز صوت انفجار مدوٍّ ساكنة الحي الشعبي الواقع خلف "سوق دمب" في مقاطعة الرياض بولاية نواكشوط الجنوبية، أسفر عن العثور على قنبلة أدى انفجارها لمصرع الشاب ميلود ولد سالم وإصابة رجل خمسيني، وبجانبها قنبلة ثانبة لم تنفجر، قالت مصادر عسكرية للأخبار إنهما من نوع: "T72"وهي قنابل يدوية تستخدم في الهجوم.
تروي تسلم بنت اسليمان، وهي ابنة خال الضحية وأول من وصل إليه بعد الانفجار متحدثة للأخبار: "كنت أول وصل إليه وكان وجهه يسيل بالدماء، أبعدني رجل كان قريبا لا أعرفه، ثم صاح قائلا: إنها قنبلة فاحذروا".
أما الرجل المصاب فقد رفض ذووه الحديث للأخبار، وأوضح أخوه الذي رفض هو الآخر الكشف عن اسمه أن كل ما حصل يتعلق بانفجار مفاجئ لا يُعرف سببه أصيب فيه أخوه المسن الذي كان قادما إلى المنزل بعد أداء صلاة العصر في المسجد.
بينما يروي شهود عيان تحدثوا للأخبار، أن الرجل المصاب كان قد تحدث لهم قبيل نقله للمستشفى مؤكدا أن الانفجار وقع حين التقى الشاب بشخصين قدما من جهة سوق دمب ثم اختفيا بسرعة.
وحسب هذه الرواية التي يتداولها سكان الحي – على نطاق واسع - نقلا عن الرجل المصاب، ورواها للأخبار أحد الأطفال الذين كانوا في مسرح الحادث لحظة انفجار القنبلة قبل أن يمنعه ذووه من الحديث للكاميرا، فإن شخصين سلما القنبلتين للشاب ميلود ولد سالم، ثم اختفيا عن الأنظار.
وعلى عكس ما تم تداوله في الساعات الأولى عقب الانفجار من أن القنبلة تم العثور عليها داخل مكب للنفايات، فقد كان مسرح الحادثة شارعا نظيفا نسبيا يقع خلف "سوق دمب"، فيما تَظهر آثارُ دماء وأشلاء على الحائط المقابل للشارع، كما أن ولد سالم – حسب ذويه – يعمل في مجال توزيع مياه الشرب، ولا علاقة لعمله بمكبات النفايات.
ساعة ميلود الأخيرة..
تجمع روايات ذوي الضحية ميلود ولد سالم، أنه كان برفقة زملاء له خلال الساعات التي سبقت وقوع الانفجار، حيث كان يعيش يومه بشكل طبيعي كمختلف أيامه حيث يعمل على عربة لنقل وبيع المياه في حي شعبي قرب "سوق دمب" بمقاطعة الرياض.
"موجبها بنت الخويلد"، تقول إن الحادث وقع بُعيد خروج الشاب ميلود من منزلها، وتضيف: "كان ميلود يقضي وقتا طويلا في منزلي بحكم صداقته مع أطفالنا".
وتتابع بنت الخويلد حديثها للأخبار، موضحة أنه وقبل الحادث بدقائق وصل ميلود لمنزلها وألقى بمبلغ 200 أوقية قال إنها بقايا دين عليه للدكان الذي يتبع لأحد سكان المنزل.
وتضيف بنت الخويلد، أن أحد الجيران طلب من ميلود توفير كمية من المياه، فأجابه بالقول إنه سيوفره، قبل أن يستدرك: "لا أدري أين ضل حماري! سأؤدي صلاة العصر، ثم أبحث عن الحمار وآتيك بالمياه".
مطالب الأهالي..
المولود ولد مسعود وهو خال الضحية، يقول للأخبار إن حياة ابن أخته أضحت من الماضي، مؤكدا أن ذوي ميلود ولد سالم يحمدون الله على أن الضحية كان شخصا واحدا في وقت كان يمكن أن يسقط العديد من الضحايا قتلى في الانفجار.
وطالب ولد مسعود بالتحقيق في الحادث لمعرفة أسبابه وحماية سكان الحي من حدوث انفجار مشابه، "فعلى الدولة حماية البقية ومعرفة ما إذا كانت توجد قنابل أخرى أو موزعو قنابل يستهدفون تفجير المواطنين".
ويضيف ولد مسعود: "العملية غريبة علينا فنحن لسنا مصنّعين ولا عسكريين، ولم يحدث في السابق هنا ما يجعل وجود مخلفات قنابل أمرا معقولا!".
كما دعا ولد مسعود المواطنين إلى الحذر، مشيرا إلى أن سكان الحي الشعبي مواطنون بسطاء لا يميزون القنابل من غيرها وقد تلفت انتباههم فيلعب بها الأطفال فتحدث كارثة.
من جهتها تسلم بنت سلمان، أبدت مخاوفها من تكرار ما حدث، ودعت السلطات إلى حماية السكان والبحث عن ما إذا كانت هناك متفجرات أخرى "فنحن لا نعرف من أتى بهذه القنبلة إلى حينا، وهل سيكرر فعلته مجددا!".
وقد تواصلت حتى ظهر اليوم الثلاثاء، عمليات التحقيق التي تتولاها الشرطة، حيث التقى فريق الأخبار بعناصر من الشرطة اقتادوا بعض شهود العيان وذوي الضحية لمتابعة التحقيقات، فيما أعلنت وزارة الدفاع هي الأخرى عن فتح تحقيق في الحادث.
وكالة الاخبار