وجد أحمد ولد سيدي أحمد وزير خارجية موريتانيا أواخر التسعينيات والمتقاعد حالياً نفسه وسط عين الإعصار عندما عينته المعارضة قبل أيام مكلفاً بعلاقاتها الخارجية، حيث أمطره المدونون العروبيون بوابل من الانتقادات، وطالبوه «بالاعتذار للشعب الموريتاني عن توقيعه اتفاق رفع مستوى العلاقات مع العدو الصهيوني»، وحملوا على المنتدى المعارض الذي عين «مطبع العلاقات مع إسرائيل» في جهازه التنفيذي.
واضطر ولد سيدي أحمد الذي وقع عام 1999، مع دافيد ليفي في نيويورك اتفاق رفع علاقات موريتانيا مع إسرائيل لمستوى السفراء تحت إشراف أولبرايت، أن ينفي في بيان أمس «أنه من كان مهندس العلاقات مع إسرائيل»، مبرزاً، من باب التذكير والتفسير فقط، لا من باب التبرير، حسب قوله، إن «هندسة» العلاقات مع إسرائيل انطلقت بداية سنة 1994 في ظرف كانت فيه موريتانيا تعاني من عزلة ديبلوماسية، حيث سدت أمامها أبواب هيئات التمويل والمساعدات الدولية بفعل مواقف كان النظام قد اتخذها في ظرفية لا شك أن من عايشوا تلك الحقبة لا زالوا يتذكرونها». وقال «وقد شجع السلطة آنذاك على هذه الخطوة توجه عدد من الدول العربية نحو إقامة علاقات مع إسرائيل بعد انطلاق مسار برشلونة ومؤتمر مدريد وتوقيع اتفاقيات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل، حيث تم فتح مكاتب للاتصال ولرعاية المصالح المتبادلة مع هذه الأخيرة في بعض البلدان العربية، بعد أن أقامت معها دول أخرى علاقات ديبلوماسية».
وتوج مسار الاتصالات بين موريتانيا وإسرائيل بربط علاقات سنة 19966 تجسدت في فتح مكتب لرعاية المصالح الإسرائيلية في نواكشوط وآخر لرعاية المصالح الموريتانية في تل أبيب داخل سفارتي اسبانيا في العاصمتين، كما بدأ تبادل الزيارات والبعثات الفنية وانطلق التعاون في عدد من المجالات كالصحة والزراعة.
وقال «عندما توليت حقيبة وزارة الخارجية في أواخر سنة 19988 كانت «هندسة» العلاقات الموريتانية الإسرائيلية قد بدأت منذ 1994 وكانت العلاقات قد أقيمت بالفعل منذ 1996، ولما كلفت، سنة 1999، بالتوقيع على رفع علاقات تمت «هندستها» وتم إبرامها قبلي بسنوات، من درجة مكتب رعاية مصالح الى درجة سفارة، اعتبرت، شأني في ذلك شأن المسؤولين الذين سبقوني وأولئك الذين خلفوني، أنه كان علي أن أقوم بالمهمة التي أسندت إلي، علما بأن الموظف يكلف بمهام قد لا يكون مقتنعاً بها، ولا ريب أن هذه المهمة بالذات كانت من هذا النوع بالنسبة لي».
«وعلى ضوء ما سبق، يقول الوزير، فإنه إذا كان من حق الكثيرين ألا يوافقوا على هذا التوقيع، فإن إطلاق صفة «مهندس» التطبيع مع إسرائيل على من قام بهذه الخطوة موقف لا يخلو من الشطط، وإذا كانت هناك أمور تمنع البعض من تعيين الأشخاص والخوض في المسؤوليات الفردية، ومن الدخول في المهاترات، فإن ذلك لا يبيح للبعض الآخر الكيل بمكيالين وهتك الأعراض وتحريف الوقائع».
وأكد ولد سيدي أحمد «أنه إذا كان «مهندس» الأمر هو من فكر فيه وخطط له وبرمجه، فيمكن البحث عنه خارجاً عني، وإذا كانت صفة «المطبع» تنطبق على من لا يرى حرجا في العلاقة مع إسرائيل، أو تطمئن لها نفسه، أو له علاقة بها من قريب أو بعيد، فأنا بريء من هذه الصفة، وقد كتب الله لي بفضله أنني لم أزر إسرائيل قط، ولم يزر مسؤول إسرائيلي موريتانيا طيلة تقلدي مهام وزير الخارجية، ولم تربطني أي علاقة خاصة بأي إسرائيلي طيلة حياتي الشخصية أو المهنية».
وختم بالقول «لست بحاجة الى أن أؤكد موقفي الثابت الداعم للقضية الفلسطينية العادلة، وهو الموقف الذي تمليه علي القيم الإسلامية والانتماء العربي ورفض الظلم، كما أنني أشاطر الشعب الموريتاني بصفة عامة، والشباب الموريتاني بصفة خاصة، تضامنهم ومساندتهم للشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله العادل ضد الاحتلال الصهيوني».
وقد ارتاح المدونون الغاضبون لبيان الوزير السابق غير أنهم طالبوا بقية «المطبعين» وعلى رأسهم السفير الموريتاني السابق في تل أبيب أحمد ولد تكدي بالاعتذار للشعب الموريتاني.
يذكر أن تعيين ولد سيدي أحمد مكلفاً بعلاقات المعارضة في الخارج قوبل قبل أيام، باحتجاجات كبيرة متواصلة بينها استقالة سياسيين كبار وتجميد عضوية سياسيين آخرين في أحزابهم التي قبلت تعيينه.
نواكشوط – «القدس العربي»