الشيوخ يراسلون البرلمان الإفريقي ويتهمون الرئيس بالمساس بتوازن المؤسسات

أربعاء, 06/07/2017 - 11:26

بعثت لجنة الأزمة المشكلة من أعضاء مجلس الشيوخ الموريتاني برسالة لرئيس البرلمان الإفريقي روجر اندونغو دانغ، وذلك بهدف إطلاعه "على القلق والانشغال الكبير" الذي تشعر به غرفتهم، كما يشعر به بشكل عام، معظم البرلمانيين والديمقراطيين، وذلك إزاء ما وصفوه بـ"مخاطر انعدام الاستقرار السياسي والمؤسسي الذي قد ينجم عن إصرار الرئيس.. على المساس على نحو مكشوف وفاضح، بالتوازن بين المؤسسات وبسلامة وحصانة دستورنا الذي يفترض أن يكون هو ضامنه الأول".

 

وشدد الشيوخ في الرسالة التي حصلت الأخبار على نسخة منها على أن "عدم الاستقرار يهدد الدولة بنشوب أزمة قد تفضي إلى نتائج بالغة الخطورة، سواء بالنسبة لبلادنا أو لمجموع دول المنطقة المعرضة لكافة أنواع الأخطار"، مردفين أن "الديمقراطية التعددية تواجه اليوم خطرا حقيقيا، يهدد سلم وأمن الجميع، بينما ترتفع الأصوات من كل جانب مطالبة بحوار صادق بين كافة الفاعلين السياسيين، حوار يكون بناء ومحترما للدستور ومبادئ الديمقراطية المعروفة عالميا".

 

وأشار الشيوخ إلى أن قرروا مراسلة رئيس البرلمان الإفريقي اعترافا  منهم باهتمامه وحرصه "على المساعدة عالميا من أجل تطوير واحترام القيم المشتركة، التي أصبحت ملكا للبشرية جمعاء، واعترافا بتشبثكم بالتضامن الدولي ووحدة وتآلف أعضاء مجالس الشيوخ في دولنا جميعا"، معبرين عن ثقتهم في حسن نظره وتفهمه "فيما يتعلق بنضالنا من أجل ديمقراطية تعددية يكون أحد ركائزها الاحترام التام لصلاحيات واختصاصات كل واحدة من المؤسسات المكونة لدولة قانون قوية ومستقرة".

 

 

وأكد الشيوخ أن رفضهم المساس بـ"المكسب المهم لديمقراطيتنا الناشئة والتي لم يستو عودها بعد"، مشيرين إلى أن ذلك "هو السبب وراء حرصنا وإصرارنا على منع اقتراف جريمة الخيانة والإخلال بالوظيفة من قبل المدافعين عن التأويل التعسفي للمادة: 38".

 

وأضاف الشيوخ في رسالة التي أرسلت نسخ منها إلى (اتحاد البرلمانات، والبرلمان العربي، والجمعية البرلمانية الفرانكفونية، والبرلمان الأوروبي) أن موقفهم "المبدئي هذا يعتبر ذا أهمية تاريخية بالغة ويكاد يكون غير مسبوق في التاريخ الدستوري لموريتانيا. وقد حصلنا بفضله على تفهم واسع النطاق من طرف الرأي العام الوطني، سواء من الأغلبية التي ما زلنا نعتبر أنفسنا جزءا منها أو من المعارضة الديمقراطية والمجتمع المدني. كما كلفنا أيضا وللأسف التعرض لكل أنواع المتاعب وممارسات الانتقام والعقاب، البائسة أحيانا، والمخالفة في جميع الحالات للنظام الجمهوري، ولمبدأ الفصل بين السلطات والدفاع عن دولة القانون".

 

وأردف الشيوخ أن هذه الممارسات تفاوتت "من تدخل الحرس لمنع بعض الشيوخ بالقوة من الدخول إلى قاعة مجلس الغرفة وصولا إلى حجز جوازات سفر بعض الشيوخ لمنعهم من السفر...الخ"، معتبرين أن "الأخطر من ذلك كله هو أن رئيس الدولة لا يرفض فقط أي جهد للتوافق طبق نصوص ومقتضيات الدستور نفسه، بل يستمر في نوع من الهروب إلى الأمام من خلال استدعائه، بطريقة غير قانونية تماما، لهيئة الناخبين لإجراء الاستفتاء في 15 يوليو 2017، وذلك في جو تطبعه التوترات والانقسامات العميقة حول هذه القضية، مخالفا بذلك ليس فقط جزءا لا يستهان به من أغلبيته وإنما أيضا المعارضة الديمقراطية بكافة أطيافها".

 

وقدم الشيوخ في رسالتهم المطولة قراءة في مسار القضية منذ خطاب الرئيس في مايو 2016، متحدثين عن وجود الرئيس لما وصفوه بـ"المنفذ الذي يسمح له بالالتفاف على إرادة مجلس الشيوخ وأن يفرض عليه وعلى الأمة الموريتانية بأكملها نمطا جديدا لفرض هيمنته الكاملة، بوصفه "قائد المركب الوحيد" في مجال تأويل وتطبيق الدستور".

 

وأضاف الشيوخ "فمن الآن فصاعدا، وحسب مزاجه وحده، يمكنه أن يراجع ويعدل كل ما يريده وبالشروط والطريقة التي يريد، مجموع أحكام الدستور وعلى الخصوص تلك المنصوصة في المادة: 99"، مردفين أن "الجوهر الفعلي للنقاش الدستوري الحالي: أن نعطي أو لا نعطي لرئيس الجمهورية مفتاح تفكيك وتغيير المواد المحصنة، وخصوصا المادة المتعلقة بعدد المأموريات".

 

وأشار إلى أن جميع الموريتانيين ما زالوا "يستحضرون المحاولات البائسة لبعض الوزراء الأكثر ظهورا في الحكومة، وهم يدعون ببساطة إلى إلغاء تقييد عدد مأموريات رئيس الجمهورية في مأموريتين (حيث تعتبر المأمورية الجارية هي الأخيرة وتنتهي في سنة 2019)"، معتبرين أنه "مهما تكن النية الحقيقية أو المفترضة لرئيس الدولة بخصوص هذه المسألة، فإن مما لا مراء فيه أن النتيجة الملموسة لمثل هذا التأويل للمادة 38 هي أن يسمح فعلا بالمساس بإحدى أهم ركائز آلية الحماية والضمانة ضد مخاطر وانحرافات تأبيد الأنظمة الاستبدادية لأولئك "الرجال الملهمين" المزعومين كما لا نزال نرى كثيرا في قارتنا".