لايزال المدركون للذاكرة الجمعية أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز شخصية فارقة في التاريخ السياسي الحديث للجمهورية الاسلامية الموريتانية ، فالرجل كاريزمي في قراراته النابعة من رؤية شمولية للحاضر والمستقبل.
قرار تغيير نظام ولد الطايع سبق (ربيع المآسي والمآتم) وأول من هلل له أمير قطر الأسبق الشيخ حمد بن جاسم والد الأمير تميم، وسماه حينئذ الأمل المشرق من مغرب الوطن العربي.، قد يقول بعض من اعماهم ريع المساعدات القطرية ، أن ذاك التغيير هو من وحي الخليج، أو أنه قبس ديمقراطي خارج من فكر تميم أو الشيخ حمد
قرار قطع العلاقات مع اسرائيل ، وجرف سفارتها كما تجرف بيوت المجاهدين والمقاومين في فلسطين، كان مغايرا
لتطبيع قطر مع الإسرائيليين، واستضافتها لأكبر مخطط فكري وسياسي وعسكري واعلامي ، لتدمير العراق وحضارة البابليين، ولقيادة فتاوى الفوضى الخلاقة ، وتمويل مليشيات الارهاب والتكفير التي دمرت كلا من ليبيا وسوريا واليمن، واستغلال نفوذ ( امبراطورية اعلام يحرض علب الفوضى والقتل) لتمزيق اللحمة الاجتماعية ، وتفكيك مؤسسات الدولة الوطنية، لصالح فكر جماعات السلفية ، والقاعدة ، والاخوان، والدواعش، والحوثيين ،واليساريين واليمينيين من شذاذ جميع الآفاق.
لعل قرار قطع العلاقات مع اسرائيل عند عشاق (الاتجاه المعاكس)، ومن شد الرحال الي بيئة(قطر مباشر)، كان تماهيا مع قرار خليجي، أوقرار افريقي، أو مغازلة لإمبراطورية قطر و"ديمقراطيتها" العظيمة.
وتتذكرون –معشر الشناقطة- أن العلم بفنونه قطري، وأن الفتوى والقضاء رحلا من الحجاز والأزهر والحواضر العلمية بشنقيط وبغداد، وبالقيروان وفاس، الى بجمهورية الموز(الجديدة)
ولعقلاء السائل الرقمي، لمن طاشت عقولهم في العالم الافتراضي(مواقع التواصل الاجتماعي الموجهة والعاطفية)، نذكرهم بأن الرئيس عزيز، لقن (أمير قطر الديمقراطي) درسا في الدبلوماسية الذكية ، عندما طلب منه أن يحتفظ بدروسه الديمقراطية لبلده، وخرج خائفا يترقب الى طائرته
يحمل وعوده الوردية، مع خفين اسمها خف حنين.
ليست موريتانيا تابعة، فقرار استضافتنا للقمة العربية قرار سيادي، وتجربتنا في محاربة الارهاب ومموليه ومجاميعه غير مسبوقة ، ورفضنا لدخول الأحلاف في مالي وفي الشمال والجنوب، يظهر منعتنا على التوجيه ، ويؤكد أن بلدنا عصي على التلقين ، كما هي صفات المتسومين في رحاب (قاعدة الحديدة).
ان قطع العلاقات مع قطر، قرار سيادي موريتاني، يحمل في ثناياه، تأففا من دور اقليمي أو أممي لشقيقتنا قطر، أساء كثيرا لقيمنا العربية ، ولشعوب عربية قدمت لقطر كثيرا من العطاء والورود، وجنت من سياسة التدخلات القطرية في المقابل حصادا عربا مرا:( أوطانا تدمر، واعلاما يؤجج الفتن، وأموالا ووسائل تقنية وأسلحة تهرب الى جماعات شعوبية، أو طائفية، أوهي جزء لصيق بمشروع تفكيك أمة عربية واحدة ، وتشويه دين الاسلام السمح)، لمصلحةّ"الذهاب الى المجهول"
الحل اليوم قريب من تميم ، والخروج من النفق متاح لدولة قطر ، فعلى عكس المتربصين والمتشيعين للمال والجاه القطري ، ليس هناك عربي قح يحب أذية عربي أو مسلم، أوكرامة أي انسان من جبال الهملايا الي ضفاف المحيط، ومن مجاري الأنهار، الي مصب النفط، وحروب الغاز المشتعلة بلا ال وبلا ذمة.
قطع العلاقات مع قطر، هو نداء من أجل وقف شلال نزيف دماء العرب، وكف أذي تدمير أوطانهم لحساب المجهول ، ووقف تهجير عقولهم ويدهم العاملة نحو الغرق في البحار، أو الضياع في مخيمات اللجوء، أوتركهم هملا في أيدي تجار البشر، وقطاع طرق فكر التطرف والغلو والارهاب.
اذا رجعت قطر الى رشدها ، وتحيزت الي الوسطية والاعتدال ، وقبلت الآخر ، بدل العمل على تدميره وتطويعه لأجندتها.
فان العرب – وكلهم مخطئون- في نظر المنظرين لحروب داحس والغبراء القطرية- ، سيقبلون مجتمعين العهد القطري الجديد، وسيفتحون صفحة عنوانها العفو عن الأخ الأصغر، فقد عفا الأب دائما عن ولده العاق، وقبل يوسف اعتذار من رماه في البئر، وباعه لساقيتها، واسترقه،وقالانه هو أخاه سرقا ،دم الذئب.، ولبسا قميصي يوسف وعثمان.
لكن التحرك العربي سنة2017، مغاير في أجندته لانذار2014
العرب اذا ارتفعت لم تعد ، الا باجماع تام، أو رحيل لمن رحل.، تلك رسالة موريتانيا الى عشرية سوداء ، تطاول فيها الذئب ،على جاره الأدنى ، و الحمل على جاره البعيد.، بلا أبسط عذر، وبلا أدنى سبب.
محمد الشيخ ولد سيد محمد/ أستاذ وكاتب صحفي