قالت صحيفتا «نيويورك تايمز» و»الغارديان» أمس إن ولي العهد السعودي السابق الأمير محمد بن نايف الذي أعفي من منصبه الأسبوع الماضي، وعين مكانه ابن عمه الأمير محمد بن سلمان، ممنوع من مغادرة قصره في مدينة جدة. ونقلت «نيويورك تايمز» عن أربعة مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين مقربين من العائلة السعودية الحاكمة تأكيدهم منع ولي العهد السابق من مغادرة القصر، فيما اعتمدت «الغارديان» على مصادر من العائلة المالكة السعودية نفسها.
وتأتي الإجراءات الجديدة بعدما كان بن نايف حتى الأسبوع الماضي في منصب الرجل الثاني لولاية العهد وأقوى رجل في المؤسسة الأمنية التي تدير البلاد باعتباره وزيرا للداخلية لمدة 15 عاماً. ولم تتضح بعد الإجراءات التي فرضها ولي العهد الجديد، إلا أن بن نايف وجد أن حرسه قد غيروا عندما عاد لقصره بعد القرارات الملكية. وشمل المنع بناته، حيث سمح لزوج وأبناء إحداهن المغادرة من دونها. وقال مسؤولون أمريكيون إنهم يعرفون عن منع الأمير بن نايف مغادرة المملكة، لكن ليست لديهم معلومات حول منعه من الخروج من قصره.
وفي رد على أسئلة «نيويورك تايمز» حوّل مسؤول في القصر الملكي الأسئلة لوزارة الإعلام السعودية التي لم تصدر عن مسؤوليها أي تعليقات. ووصف مسؤول في الوزارة نفسها في مكالمة عبر الهاتف هذه الأخبار بالعارية عن الصحة.
وقالت «الغارديان» إن علاقات بن نايف الغربية أكبر بكثير من علاقات بن سلمان، وأن هذا يمكن أن يكون أحد العوامل في قرار منعه من الحركة. وأشارت الصحيفة إلى أن التنافس على المنصب الكبير قلّصت الثقة بين الأميرين.
ونقلت «الغارديان» عن مصدر سعودي أنه «لم يكن هناك تعادل المبارزة بالخناجر. لقد أراد الأمير الشاب المنصب والأمير العجوز لم يحب ذلك». وتابع: «لم يتم الأمر بطريقة لطيفة. أعتقد أنهم لا يريدونه أن يذهب إلى أمريكا بهذا المزاج السيء وأن يخبر الجميع، حتى حلفاءنا، أسرار الدولة. السماح بحديث شخصية غاضبة في ظرف كهذا هو خطر شديد».
وفي قرارات غير مسبوقة قام الملك سلمان بن عبد العزيز بتغيير تقاليد الخلافة للعرش السعودي، ونقلها مباشرة لابنه بعدما كان يتداولها أبناء مؤسس المملكة عبد العزيز بن سعود بينهم منذ وفاته عام 1953.
وتم إعفاء الأمير محمد بن نايف، 57 عاما، من منصبه كولي للعرش وكوزير للداخلية، وتعيين ابن أخيه عبد العزيز بن سعود بن نايف (33 عاما) الذي كان أميرا للمنطقة الشرقية ومستشارا في مكتب الأمير محمد بن سلمان مكانه.
وأنهى الملك بهذا مسيرة عملية لأمير حظي باحترام المؤسسات الأمنية الأمريكية وقاد حملة تفكيك القاعدة في السعودية، وتعرض نفسه لأكثر من محاولة اغتيال تركت واحدة منها في عام 2009 آثارا عليه.
وفي الوقت الذي رحب أنصار ولي العهد الجديد بالقرارات الملكية باعتبارها دعما للشباب ومرحلة مهمة في مسيرة المملكة، إلا أن ترفيعه أنهى رحلة عدد من الأمراء الكبار الذين يرونه متهورا، وقاد البلاد إلى حرب لا نهاية لها في اليمن.
وحاولت المملكة إظهار عملية نقل السلطة بأنها سلسة. وبث التلفاز الرسمي أكثر من مرة صورا للأمير بن نايف وهو يبايع ابن عمه.
إلا ان القيود الجديدة على حركة الأمير تشير إلى عدم رضا عدد من أفراد العائلة الكبار عن ترفيع بن سلمان، وأن ظهور بن نايف العام قد يفاقم من مشاعر السخط. وقال مسؤول أمريكي بارز «إنها إشارة إلى عدم رغبة محمد بن سلمان في أي معارضة، و» لا يريد أي تحركات خلفية من داخل العائلة. ويريد ترفيعا من دون أي معارضة ولا يعني أن م ب ن (محمد بن نايف) يقوم بالتآمر عليه».
وقال المسؤول إن الولايات المتحدة على اتصال مع وزارة الداخلية السعودية، إلا أن المسؤولين الأمريكيين لم يتصلوا ببن نايف، وأنهم يراقبون الوضع. ووصف المسؤول البارز محمد بن نايف بأنه كان «صديقا وشريكا مهما للأمريكيين ولا نريد أن يعامل بطريقة غير رقيقة أو مبتذلة».
وتستدرك الصحيفة إنه منذ الإطاحة ببن نايف عبر عدد من المسؤولين الأمريكيين في مجال مكافحة الإرهاب عن غضبهم، ولكنهم لم يريدوا التعبير عن مواقفهم بطريقة علنية.
وعاد الأمير بن نايف بعد الإعلان عن التعيينات الجديدة إلى قصره في جده ليجد أن حرسه الذين يثق بهم قد استبدلوا بحرس موالين للأمير محمد بن سلمان.
ومنذ ذلك الوقت منع من مغادرة القصر حسب مسؤولين سعوديين وأمريكيين. وأكد مسؤول امريكي آخر له علاقة مع العائلة المالكة الأخبار، وأن الأمير بن نايف ممنوع من مغادرة قصره. وقال سعودي آخر إن الإجراءات الجديدة تم فرضها مباشرة بعد ترفيع بن سلمان. وشملت الإجراءات كذلك بنات بن نايف. وقيل لواحدة من بناته المتزوجات إنها لا يمكنها المغادرة وسمح لزوجها وأولادها بالمغادرة. وحسب مسؤول أمريكي فالأمير بن نايف ممنوع من مغادرة المملكة، لكنه لم يسمع إن كان مقيد الحركة في قصره. وقالت الصحيفة إن ترفيع بن سلمان في الأسبوع الماضي جاء بعد صعود سريع لأمير لم يسمع به أحد قبل تولي والده السلطة عام 2015 .
ومنذ ذلك الوقت سيطر على قطاعات الدفاع والاقتصاد وقاد جهود التغيير من خلال رؤية 2030 التي تريد تنويع الاقتصاد. وجاء صعوده على حساب ابن عمه الأمير محمد بن نايف الذي ظل بعيدا عن الأضواء وعلى علاقة قوية مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة ومسؤولي الاستخبارات فيها. وفي أثناء صعود بن سلمان وجد المسؤولون الأمريكيون صعوبة في بناء علاقة مع الأميرين.
ورافقت صعود بن سلمان تعيينات شبابية منهم شقيقه خالد بن سلمان الذي عين سفيرا في واشنطن.
من جانبه قال مسؤول سعودي، أمس الخميس، إن تقرير صحيفة «نيويورك تايمز»، عن تحديد إقامة ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف داخل قصره ومنعه من السفر إلى الخارج بعد أن حل محله ابن عمه الأمير محمد بن سلمان، لا أساس له من الصحة.
وقال المسؤول إن بن نايف يستقبل ضيوفه، وإنه لم تفرض أي قيود على تحركاته أو تحركات أسرته. وعبر مسؤول سعودي كبير عن صدمته من التقرير، واصفا إياه بأنه قصة ملفقة. وتوقع المسؤول أن بن نايف ربما يسعى لاتخاذ إجراء قانوني ضد الصحيفة. وردا على سؤال بشأن التقرير الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» قال المسؤول «مئة في المئة ليس صحيحا». وقال المسؤول إن بن نايف وعائلته يتحركون بحرية ويستقبلون ضيوفهم دون أي قيود، مضيفا أنه لم يتغير شيء بالنسبة للأمير سوى ترك منصبه.
وأكد المسؤول أن بن نايف يغادر كذلك منزله يوميا منذ انتقال ولاية العهد إلى الأمير محمد بن سلمان، ولا توجد أي قيود على حركته سواء داخل أو خارج المملكة. (رأي القدس ص 23)