كما كان متوقعا أدى التباين في المواقف من الاستفتاء الشعبي الذي ستنظمه الحكومة مطلع أغسطس/آب المقبل لانشطار المعارضة الموريتانية إلى فسطاطين أحدهما فسطاط المقاطعة الذي بدأ يتشكل بالموقف الذي أعلنه حزب التكتل والثاني فسطاط المشاركة ويضم حتى الآن حزبا واحدا هو حزب اللقاء الديموقراطي، وهو حزب صغير محسوب على الرئيس الراحل علي ولد محمد فال ويرأسه وزير العدل الأسبق محفوظ ولد بتاح.
ودعا أحمد ولد داده رئيس حزب تكتل القوى الديموقراطية أعرق أحزاب المعارضة الموريتانية أمس في نداء تلفزيوني «كافة أفراد الشعب الموريتاني لمقاطعة» ما سماه «المهزلة الجديدة لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز».
وقال «هذا الاستفتاء حقيقة لا نرى له مبررا إن لم يكن إلهاء الرأي العام عن مشاكله المهمة بقضايا لا ناقة له فيها ولا جمل».
وقال «إنني أوجه نداء لكافة أطياف الشعب الموريتاني أولا لتعزيز وحدته الوطنية ووضعها فوق كل الاعتبارات، والثاني مقاطعة هذه المهزلة وألا ينجرفوا وراء هذا الاستفتاء».
وأكد ولد داده «أنه يحيي الشعب الموريتاني على صبره ومثابرته ونضاله»، كما يحيي «موقف مجلس الشيوخ الذي تحدى النظام من أجل الحق ومن أجل الوطن ومن أجل فصل واستمرار المؤسسات».
وفيما لم تعلن مكونات منتدى المعارضة الأخرى لحد يوم أمس موقفها من الاستفتاء، انفرد حزب اللقاء الديموقراطي بقرار المشاركة في الاستفتاء مقدما، في بيان مطول، شروحا لتبرير قراره.
وأكد حزب اللقاء «أنه لم تحصل لديه القناعة بمقاطعة هذا الاستفتاء، رغم وجاهة بعض ما يساق من تبريرات لهذا الخيار، لذا قررنا المشاركة فيه لأسباب، منها ما هو متعلق بالوضع السياسي العام للبلد، ومنها ما هو مرتبط بالرغبة الجامحة التي لمسناها لدى الشعب الموريتاني في إسقاط هذه التعديلات، ومنها ما هو متعلق بأهمية الرموز والمؤسسات المراد العبث بها، بحيث لا يمكن تبرير العزوف عن منازلة السلطة للحفاظ عليها».
وأوضح الحزب «أن قراره جاء انسجاما مع إرادة الشعب، التي أكدتها لنا زياراتنا الميدانية للأسواق والجامعات والمعاهد والثانويات وغيرها من الأماكن والتجمعات العمومية، الرافضة للتعديلات اللادستورية، ولتطلع شعبنا في أن تكونا لقوى السياسية الحزبية إطارا للتعبير عن هذا التوجه؛ كما أن قراره جاء اعتبارا لكون المشاركة، هي تعبير صريح عن الموقف، تجعل صاحبها قادرا من خلال صوته، على إفشال مشروع النظام، المتمثل في تعديلات لا دستورية وغير توافقية وغير مبررة».
«إننا نؤكد، يضيف حزب اللقاء، أن المشاركة في الاستفتاء لا تنهي الأزمة السياسية، التي لا زالت قائمة، وإنما هي مناسبة للكشف عن عمق الأزمة، وهو ما يستوجب منا ألا نترك النظام ينفرد بالشعب الموريتاني، كما أنها فرصة كذلك لحث شعبنا على رفض عملية السطو على الدستور، التي يريد النظام تحميل وزرها للشعب الموريتاني».
وتابع الحزب شروحه لأسباب المشاركة قائلا «إن قرار المشاركة لا يشكل اعترافا منا بشرعية الاستفتاء، ولن يكون خروجا عن خط المعارضة الذي كان سببا في دخولنا للساحة السياسية، ولا هو تنازل عن الشروط المطروحة، التي نتمسك بها مع الطيف المعارض، كشرط للمشاركة في الاستحقاقات التشريعية والبلدية والرئاسية المقبلة، لكنه يشكل استجابة للحظة سياسية تعتري رهانا وطنيا وتسمو حتما فوق العمل السياسي الهادف إلى الحصول على مكاسب انتخابية حزبية، وهو استحضار للواجب الوطني، الذي تمليه المرحلة، حتى لا تبقى رموز الدولة ومؤسساتها مسرحا لنزوات صاحب السلطة».
واشترط الحزب أن تبقى مشاركته في الاستفتاء مرهونة بتوفير كل مقومات الحرية، ونزاهة الاقتراع، والتي من ضمنها الاستفادة المتكافئة بين جميع الأطراف من وسائل الإعلام العمومية، وتمكين الأطراف المشاركة من التمثيل في مكاتب الاقتراع، وعلى كل مستويات تجميع الأصوات والإعلان عن النتائج، إضافة ل مان حياد الإدارة والجيش قبل وأثناء الاستفتاء».
ودعا الحزب «كافة القوى الحية في البلد السياسية والاجتماعية، المدنية والنقابية الحاملة للواء المشاركة بـ “لا“، إلى التنسيق المشترك وتوحيد الجهود، من أجل كسب رهان رفع التحدي». هذا ونددت الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا في بيان وزعته أمس «بإطلاق حملة في مختلف القطاعات الوزارية تستهدف إرغام جميع وكلاء الدولة علي التوافد على الدوائر الانتخابية بغية التسجيل في إطار مراجعة السجل الانتخابي الجارية حاليا».
وأوضحت الكونفدرالية «أن هذه الوضعية تولد عنها بروز إرادة ترمي إلى توجيه خيارات عمال وعاملات القطاع العمومي وشبه العمومي وتقييد حريتهم في ممارسة الحق النقابي و/أو حق الانتماء، وهي حقوق يصونها دستور البلد واتفاقيات منظمة العمل الدولية.» «إن تدخل الحكومة والحزب الحاكم في الشؤون الداخلية للنقابات وفي خيارات العمال، تضيف النقابة، انتهاك صارخ لاتفاقيات منظمة العمل الدولية رقم 87 و98، المتعلقة على التوالي، بالحرية النقابية وحرية تكوين الجمعيات والحق في التفاوض والتنظيم».
هذا وينتظر أن تشهد الساحة السياسية الموريتانية ابتداء من الأسبوع حربا سياسية وإعلامية حامية الوطيس بين السلطات التي وضعت ثقلها السياسي والاجتماعي والمالي في كفة الاستفتاء ومعارضة مقبلة، حسب مصادرها، على تأسيس جبهة واسعة تضم حزب التكتل وبقية أحزاب المنتدى وحراك مجلس الشيوخ والمستقلين في تنسيق خاص بإسقاط التعديلات ورفض الاستفتاء.
القدس العربي