غرقت موريتانيا من جديد في جدل مأموريات الرئاسة حسب الأصداء الواصلة أمس من التجمعات الشعبية الضخمة التي تنظمها قوى الأغلبية حاليا في مدن الدخل.
فقد طالب عمد ونواب ولاية البراكنه خلال تجمع شعبي كبير نظم أمس في مدينة مقطع لحجار وسط البلاد، بحضور رئيس الوزراء يحيى ولد حدمين، بمأمورية ثالثة للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الذي ينهي منتصف عام 2019 المقبل آخر مأموريتيه الدستوريتين.
وأسهب خطباء التجمع الشعبي من منتخبي ولاية البراكنه أمس في تعداد الإنجازات التي حققها الرئيس محمد ولد عبد العزيز مؤكدين «أن هذه الإنجازات تجعل السكان مضطرين لتمسك بالرئيس والمطالبة بالسماح له بمأموريات أخرى مهما كلف ذلك».
وتحدث العمد في مداخلاتهم عما وصفوه بـ «القرار التاريخي والشجاع الذي اتخذه الرئيس محمد ولد عبد العزيز يوم تسلمه للسلطة والمتعلق بقطع العلاقات مع إسرائيل وتدمير وجرف مقر السفارة الصهيونية في نواكشوط»، حسب تعبيرهم.
وطالب العمد والنواب «بتغيير المادة الثانية من الدستور لصالح المأمورية الثالثة والرابعة والخامسة للرئيس لتكون السلطة في يد الشعب يمنحها لمن شاء في المدة التي يشاء».
وأكد رئيس الوزراء يحي ولد حدمين «أن رسالة العمد والنواب التي تكلموا عنها في المهرجان وصلت للحكومة بشكل واضح، وأن الأمل يحدوه في لقاء آخر وحملة أخرى تحقق طموح الشعب وممثليه في البرلمان والمجالس المحلية.»
وطالب ولد حدمين «السكان بالتصويت للتعديلات الحالية من أجل استمرار العمل وتعزيز التنمية والاستعداد لمرحلة الأخرى من حراك السلطة نحو مصالح البلد وتحقيق آمال الشعب».
وفي مواجهة الحملة السياسية التي تواصلها قوى الأغلبية والمركزة حول تعديل الدستور من أجل زيادة مأموريات للرئيس، أعلنت المعارضة الموريتانية أمس عن تشكيل جبهة سياسية تضم جميع الرافضين لتعديلات الدستور المقررة في الخامس آب/أغسطس المقبل.
وندد محمد جميل منصور الرئيس الدوري للجبهة بما سماه «الزيارات الكرنفالية الغير موفقة لبعض رؤوس النظام الى الداخل»، معتبرا «أن النظام يمارس عملية هروب الى الأمام بعد إحساسه بالرفض الشعبي للاستفتاء».
وأوضح ولد منصور في إيجاز إخباري أمس «أن القوى المعارضة بدأت نشاطها بتوقيع بيان مشترك يعبر عن موقفها الموحد من الاستفتاء اللادستوري»، حسب تعبيره، وهي «تعمل على تطوير وترسيخ هذا اللقاء وتحويله في الوقت المناسب لما هو أهم وأكثر تجاوبا مع تطلعات الشعب الموريتاني».
وقال «هذه القوى ستنتقل خلال الأيام المقبلة إلى العمل الجماهيري في الساحات، داخل العاصمة وبعض عواصم العالم، وفي الثامن عشر من الشهر الجاري ستنتقل هذه التحركات إلى عواصم ولايات الداخل».
وأضاف ولد منصور «أن المعارضة تعتزم تنظيم تظاهرات في ست ولايات داخلية، وأربع عواصم دولية هي باريس، وبروكسل، وواشنطن، وداكار، للتنديد بالتعديلات الدستورية، وبترويج أعضاء في الحكومة لمأمورية ثالثة للرئيس».
وندد ولد منصور «بتصريحات الوزير الأول يحي ولد حدمين التي أبانت، حسب قوله، الأهداف الحقيقية من الاستفتاء، وهو الذهاب إلى المأمورية الثالثة».
وندد الرئيس الدوري للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة رئيس حزب «تواصل» محمد جميل منصور «بسلوك النظام المتمثل في القمع الوحشي للتظاهرات الشبابية التي تم تنظيمها مؤخرا والاعتقالات التي مورست على بعض الشباب المشاركين في التظاهرات وبعض شباب حركة «إيرا» الحقوقية الناشطة في مجال مكافحة الرق».
وضمن التفاعل مع مستجدات الساحة، أكدت صحيفة «لوكلام» أعرق الصحف المحلية في تحليل خصصته لهذه النازلة «أن النظام قد فشل في تمرير المأمورية الثالثة عبر الحوار الأخير وهو يبحث حالياً عن طريقة أخرى يفرض بها البقاء على رأس السلطة»، لكنها تساءلت قائلة «هل يقبل الموريتانيون ببقاء النظام خارج ما حدده الدستور؟ وهل سيقبل بذلك نشطاء المعارضة وأعضاء مجلس الشيوخ المتمردون؟».
«إن هذا التصريح، تضيف الصحيفة، يؤكد أطروحة البعض ممن يعتقد أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز مصمم على تولي مأمورية ثالثة، ولذا يجري الترتيب حالياً لفتح أقفال الدستور التي تمنع ولد عبد العزيز من ذلك، ولا شك أن قضية التعديلات الدستورية المثارة حالياً، هي بداية مغامرة طويلة لا يمكن لأي أحد أن يتنبأ بحجم أضرارها على موريتانيا التي تعاني من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية عديدة. وأكدت الصحيفة «أن رئيس الوزراء فجر قنبلة بإعلانه استمرار النظام الحالي بعد انتخابات 2019».
«إن هذا التصريح، تضيف الصحيفة، يؤكد أطروحة البعض ممن يعتقد أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز مصمم على تولي مأمورية ثالثة، ولذا يجري الترتيب حالياً لفتح أقفال الدستور التي تمنع ولد عبد العزيز من ذلك، ولا شك أن قضية التعديلات الدستورية المثارة حالياً، هي بداية مغامرة طويلة لا يمكن لأي أحد أن يتنبأ بحجم أضرارها على موريتانيا التي تعاني من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية عديدة».
وأضافت «كل ما يمكن قوله في هذا المضمار هو أن معارك انتخابات 2019 قد بدأت الآن في وقت مبكر حتى قبل انطلاق حملة الاستفتاء على الدستور. وإذا كانت تصريحات رئيس الوزراء ورئيس الحزب الحاكم ستهدئ أنصار الرئيس ريثما يهيئون خيارات الخلافة، فإنها في الجانب الآخر، ستوحد صفوف المعارضة مع المعادين لانقلاب 2008 لتتشكل بذلك جبهة قوية قد تتفق على مرشح واحد في انتخابات 2019 وهي الطريقة التي أوصلت مرشحي المعارضة الموحدين لكرسي الحكم السنة الماضية في كل من غانا وغامبيا».
القدس العربي