«أيها الرئيس، دع عنك دستور موريتانيا!!»، بهذا خاطب السيناتور المعارض محمد ولد غده أمس الرئيس الموريتاني في رسالة كتبها له من سجنه وجرى تداولها على نطاق واسع بين المدونين والسياسيين.
هذه الرسالة مضافة لبيانين نشرتهما المعارضة أمس بشقيها المتشدد والوسط، ولمطالبات واسعة من نشطاء الموالاة، بتعديل الدستور للسماح للرئيس محمد ولد عبد العزيز بالترشح لمأموريات أخرى، أظهرت شراسة المعركة التي بدأت في موريتانيا تحتدم ثلاثة أسابيع قبل يوم الاستفتاء.
وأضاف السيناتور غده، الذي حوله سجنه القضائي حسب السلطات والسياسي حسب المعارضة، لأيقونة رفض الاستفتاء « بدافع الخوف على انهيار البلد أو تفككه أُقدم لكم نصيحة مختصرة، وهي « دع عنك دستور موريتانيا وعلمها الجميل فالمقاومة الوطنية لا تحتاج لخطوط حمراء، بل أولويتك الآن، من وجهة نظري، هي أن تضع أنت خطوطا حمراء أمام نفسك».
أما منتدى المعارضة الموريتانية الذي تحول لتحالف وطني يجمع ثماني تشكيلات سياسية من أطياف مختلفة، فقد دعا أمس «للوقوف بحزم في وجه الاستفتاء اللادستوري»، حسب تعبيره.
وأكد التحالف في بيان وزعه أمس «أن الاستفتاء ورقة خاسرة ولم يعد ينطلي على أحد أنها لا تخدم تنمية البلاد ولا إحياء ذكرى شهداء المقاومة ولا تطوير مؤسساتها الديمقراطية وأنها لا تهدف سوى حماية فساد نظام الجنرال محمد ولد عبد العزيز، وتمكينه من الإفلات من المساءلة يوم تنتهي مأموريته…تماما مثل سجن رئيس لجنة التحقيق حول الصفقات العمومية، السيناتور محمد ولد غده».
لكن التطور الجديد في هذا الملف هو ابتعاد التحالف الشعبي التقدمي بزعامة مسعود ولد بلخير أمس عن خط الوسط، حيث أعلن أنه «انطلاقا من رؤيته وتقييمه للمسار الديمقراطي، ووعيا بضرورة الحرص على اطراد التجربة الديمقراطية نحو التطور والنضج، والتزاما بمواقفه المبدئية وخياراته الثابتة المحددة للنهج السلمي طريقا وحيدا لإرساء ديمقراطية تعددية تسعى إلى السبل الكفيلة بضمان التناوب السلمي على السلطة، فإنه يعلن رفضه لما أصبح يروج هذه الأيام وتتناقله وسائل الإعلام الرسمية، اعتمادا وتوظيفا لتصريحات وإدلاءات توالت لمسؤولين في هرم السلطة وقادة في الحزب الحاكم، محاولة للتمكين وتهيئة الرأي العام للخوض في إمكانية مأمورية ثالثة للرئيس محمد ولد عبد العزيز، ومحاولة خرق جدار الرفض السياسي والشعبي لأي مساس بالدستور قد يكون مقدمة إلى ذلك».
وأكد حزب التحالف أنه يحمل مسؤولية ما سينجم من تداعيات وخيمة العاقبة إذا ما استمر الإصرار على هذه الإثارة، وتمادى القائمون بها في نهجهم الدعائي ومغالطاتهم المستخفة بشعبنا، وبمن اختاروا نهج الحوار مع النظام وأحزاب الأغلبية، وعلى هؤلاء وحدهم أن يتحملوا انسداد المسار الذي يعملون من أجله، وأن يتحملوا عواقب ما أرادوا المضي فيه».
وبالتوازي مع هذه التطورات، بدأ كبار الكتاب الباحثين الاهتمام بتحليل المرحلة الجديدة التي تقبل عليها موريتانيا بعد تنظيم هذا الاستفتاء المرتقب.
وفي مقال مدعم بجداول إحصائية عن واقع موريتانيا الاقتصادي والاجتماعي، أكد الأستاذ الباحث عبدو سيدي محمد «أن موريتانيا تمر بمنعرج تاريخي في مسار الحياة السياسية والخيارات المتاحة محصورة وحيز التحرك يتضايق ويضيق مع مرور الوقت، كما أن تضارب تصريحات النظام وضبابية الرؤية وعشوائية القرارات والإسراع في وتيرة عملية الاستفتاء تدفع البلاد نحو اتجاه مغلق، والنتائج صادمة في كل الاحتمالات».
أما أسبوعية «لوكلام»، أعرق صحف موريتانيا، فقد كتبت افتتاحيتها التحليلية أمس تحت عنوان «.. والقافلة تسير»، وخصصتها للحدث عن الاستفتاء ومآلاته.
وأكدت الصحيفة «أن الذي كان معتقدا هو أن الجدل حول المأمورية الثالثة قد انتهى وأغلق، بعد أن أعلن صاحب الفخامة أمام الملأ أنه لن يترشح ولن يلمس المواد الدستورية المتعلقة المأموريات».
وأضافت «لكن تصريحات الوزير الأول التي أكد فيها أن الرئيس باق في السلطة لإكمال برنامجه وتأكيدات رئيس الحزب الحاكم بأن موريتانيا ما زالت تحتاج للرئيس عزيز، كل هذا يشكل حنثا ليمين الرئيس الدستورية التي أقسمها من قبل».
وختمت الصحيفة تقول «يجب ألا نترك الأمور تصل إلى مداها الذي يخطط له، فعلى المعارضة والمجتمع المدني والديموقراطيين عموما والشركاء الخارجيين، أن يتكاتفوا لإفشال هذا المخطط الذي يجري تنفيذه، إن ما قاله رئيس الوزراء يحي ولد حدمين كلام مثير للغاية، أيها الشعب، إنهض حتى تمر قافلتك بعظمة وكبرياء بخطى هادئة».
القدس العربي