تعتبر “استيلا آوارد” أغرب مكافأة في التاريخ. إنها جائزة أمريكية من وحي الصحفي الساخر راندي كاسينغام، تمنح لأشخاص قاموا أو قيم في حقهم بمتابعات قضائية غريبة أو استفادوا من أحكام قضائية سخيفة أو كانوا ضحية لها.
لو علم كاسينغام بالأحكام الصادرة في حق معتقلي “اكديم إزيك” لحوّل جائزته، بعدتها وعتادها، إلى شمال إفريقيا، ليس لأن الأحكام الصادرة في حق المتهمين جائرة وقاسية ومضحكة، بل لأن المحكمة العسكرية، التي تناولت ملفهم قبل عدة أشهر، كانت أرحم من المحكمة المدنية التي حاكمتهم مؤخرا. فها هو العالم، بعد كل الهزات والتحولات، يعيش عهدا أصبح فيه حكم المدنيين أشرس وأقسى وأظلم من حكم العسكريين أو يوازيه في شراسته وقساوته وظلمه.
أن تكون الأحكام الصادرة عن محكمة مدنية أقسى أو مماثلة في شناعتها لأحكام صادرة عن محكمة عسكرية، فتلك، وربي، سخرية غير مسبوقة. أين نسي قضاة سَلا جواربهم وخوذاتهم ونياشينهم؟ كيف تزمّلوا بعباءات مدنية وهم، في الكنه، عساكر أقسى من الجلمود وأشرس من بوليس الاحتلال؟.. كم كان العالم سخيفا وهو يحتفل بتحويل ملفات معتقلي “اكديم إزيك” من محكمة الرباط العسكرية إلى محكمة سلا المدنية! من قضاة عسكريين إلى قضاة مدنيين! من زنزانات عسكرية إلى معتقلات مدنية!..
لو علم كاسينغام أن معتقلي “اكديم إزيك” خضعوا للتوقيف والتعذيب والمحاكمات العسكرية والمدنية “المُعسكرة”، لمجرد أنهم طالبوا بحقهم في التعبير عن رأيهم وتقرير مصيرهم بأنفسهم، لندم على أن جائزته لم تخلق أصلا لتكون مخزنية شكلا ومضمونا.
السجن المؤبد الذي كنا نحسبه جزءا من قمامات مزبلة التاريخ.. 30 سنة من الحبس النافذ.. 25 سنة من المقام في سجون لا تستجيب لأي معيار قانوني.. 20 سنة نافذة بدون نافذة.. مصادرة كل المحجوزات لفائدة الدولة وإتلاف ما تبقى لفائدة الهباء المنثور: مِزْوَد من أحكام ساذجة لم تعد تصلح حتى لمجتمعات الشامبانزي. أي عدالة هذه! وأي عالم هذا الذي تستوي فيه المحاكم المدنية بالمحاكم العسكرية، وتختلط فيه عباءة القاضي ببزة الجندي، ويتدثر فيه الكتاب بالمُدية!..
إن على أحرار العالم –وهم يشاهدون الإنسانية تداس جهارا- أن يلتفوا حول هؤلاء الضحايا لتشجيعهم على المحافظة على سقف المطالب المشروعة وفرض معاملتهم بما يتماشى مع قيم العدالة ومبادئ حقوق الانسان.