ازداد المشهد السياسي الموريتاني سخونة مع اقتراب الاستفتاء على تعديلات الدستور المقرر يوم الخامس من آب / أغسطس المقبل.
فقد استبق الشيوخ الثائرون نتائج الاستفتاء وأعلنوا في بيان وزعوه أمس «عن عدم اعترافهم بما سيترتب على هذا المسار غير الدستوري»، وعن «تمسكم الكامل بموقفهم الرافض لهذه التعديلات غير الدستورية»، حسب البيان.
وأكدوا، وغالبيتهم منتخبون من صف موالاة الرئيس، «عزمهم مواصلة العمل لإسقاط التعديلات بكل السبل القانونية، وعن عدم اعترافهم بما سيترتب على هذا المسار غير الدستوري».
وحمل الشيوخ «الحكومة الموريتانية مسؤولية تعطيل عمل المؤسسات التشريعية، ومضايقة أعضائها في أدائهم لمهامهم، ورفض التجاوب معها في المساءلات والإجراءات الرقابية».
وأعلنوا عن خطوة سياسية جديدة هي «استعدادهم للعمل مع كل الأفراد والقوى الوطنية الرافضة لمسار تعديل الدستور عبر الاستفتاء المقرر».
وجدد الشيوخ في بيانهم «دعوتهم لرئيس الجمهورية للتخلي عن هذا المسار الذي يشكل خطرا على السلم والأمن الاجتماعيين ويفضي إلى هدر المال العام».
وقالوا «أن الحكومة تواصل إصرارها على المضي في التعديلات الدستورية التي رفضها البرلمان يوم 17/3/2017 وتحاول تمريرها غير مكترثة برفض البرلمان لها وهو ما يشكل تراجعا عن المكتسبات الديمقراطية وخطرا على السلم الاجتماعي»، حسب تعبير الشيوخ.
يذكر أن علاقة مجلس الشيوخ الغرفة العليا في البرلمان الموريتاني، ساءت بالرئيس محمد ولد عبد العزيز بعد رفض الغرفة تعديلات دستورية تقدم بها الرئيس وعبأ لها.
وجاء قرار رفض التعديلات مفاجئاً للرأي العام المحلي وللسلطة بالنظر إلى أن الحزب الحاكم يتمتع بغالبية في مجلس الشيوخ.
وجاءت ردة فعل الرئيس الموريتاني غاضبة وصارمة حيث أعلن في مؤتمر صحافي أخير حول الموضوع «أنه لن يترك 33 شيخاً يختطفون البلد».
وذهب الرئيس إلى حد التشكيك في شرعية المجلس حيث قارن عدد أصوات الرافضين بعدد المصوتين لصالح التعديلات في الجمعية الوطنية التي اعتبرها شرعية في حين قال إن مجلس الشيوخ هيئة منتهية الصلاحية، وأمر الرئيس بالتحضير لاستفتاء شعبي يريد من خلاله تمرير التعديلات، ولا يتفق فقهاء القانون الدستوري على مشروعية هذا الاستفتاء.
وتسمح التعديلات المقترحة بتغيير ألوان علم البلاد، وإلغاء محكمة العدل السامية، وإلغاء مجلس الشيوخ، وإنشاء مجالس إقليمية لم تتحدد طبيعتها بعد، ويبدي البعض قلقاً من أنها قد تشجع صراع القبائل والجماعات، فيما يقول أنصار السلطة إنها ستكون أداة تنمية.
وواجه مشروع التعديلات الرفض في أوساط المعارضة، كما أنه لا ينال أيضا رضا قطاع واسع من النخبة المثقفة، لكن يعتقد متابعون أنه في مقدور السلطة تمرير التعديلات بغالبية أصوات المقترعين في حال عرضها في استفتاء وهو أمر متوقع نظراً لتحكم السلطة في آليات تنظيم الاستفتاء ولاحتمال أن تقاطعه المعارضة.
وتؤكد هذه التجاذبات أن موريتانيا مقبلة على صيف حار جداً حيث يصر الرئيس على فرض تعديلاته عبر الاستفتاء ويصر معارضوه على إظهار عدم دستورية ذلك.
وسيكون هذا التجاذب شاغلاً وطنياً للجميع طيلة السنتين اللتين تفصلان عن الانتخابات الرئاسية لعام 2019 التي يفترض أن ينتخب فيها رئيس آخر غير الرئيس الحالي ضمن اقتراع غير مجمع حتى الآن على آلياته وأدواته، وهو ما قد يدخل البلد، حسب مراقبين محللين، في حالة غير مسبوقة من عدم الاستقرار. القدس العربي