أسدل الستار على مسرحية الاستفتاء العبثي التي من خلالها تمت مصادرة إرادة الشعب عبر عملية قرصنة لم تشهد البلاد مثلها في أي حقبة من تاريخها، بدأت بانتهاك صريح للدستور، واستمرت بحملة استخدمت فيها كل الأساليب والآليات الموغلة في التعدي على القوانين والنظم والأخلاق، وانتهت باقتراع شابه تواطؤ اللجنة الانتخابية المسيرة مع أعوان النظام في غياب تام لأي مراقب مستقل.
1. لقد كان هذا الاستفتاء انقلابا جديدا على الشرعية، حيث ضرب عرض الحائط بالنص الدستوري الصريح، الذي يحدد بصورة لا تقبل أي تأويل، الطريقة الحصرية لمراجعة الدستور والقائلة بأنه لا يمكن تقديم أي مشروع مراجعة للاستفتاء إلا إذا صوت عليه ثلثا أعضاء الجمعية الوطنية وثلثا أعضاء مجلس الشيوخ. لقد كان هذا الاستقتاء تغليبا لإرادة وأهواء الحكم الفردي ضد مؤسسات الدستورية وإرادة الشعب.
2. لقد عرفت الحملة الانتخابية خروقا وتجاوزات لم يجرؤ أي نظام على اقتحامها في تاريخ البلد :
• حظر التظاهرات السلمية والتجمعات والمهرجانات التي تنظمها المعارضة الديمقراطية ومواجهتها بالقمع الوحشي، على الرغم من حرص قادتها على احترام المساطر التنظيمية، وقمع الحركات الشبابية وتوقيف قادتها، في الوقت الذي يفسح فيه المجال بدون أي قيد للمبادرات والتجمعات الداعمة للسلطة.
• استخدام رأس النظام في مهرجاناته لخطاب ساقط يدينه القانون وتمجه الأخلاق، قوامه السب والتجريح والخوض في الأعراض والمغالطات.
• إقحام الولاة والحكام وغيرهم من أعوان الإدارة، وهم من يفترض أن يكونوا حياديين، إقحامهم بصورة مباشرة في الحملة، بل أصبحوا هم من يديرها بصورة فعلية وعلنية.
• التوظيف المفرط وغير المشروع لأموال الدولة ووسائلها في خدمة مشروع السلطة.
• تجييش الوزارات والإدارات والمؤسسات العمومية ومؤسسات الجيش والأمن وتجنيد موظفي وعمال الدولة ووضع استمارات فرضت عليهم تعبئتها بأسمائهم وأسماء عائلاتهم وأرقام مكاتب تصويتهم ووضع آليات لمراقبة تصويتهم.
• إصدار تعليمات للبنوك والشركات الخاصة بتجنيد عمالها وضمان مشاركتهم في المهرجانات والتصويت تحت طائلة الابتزاز والعقاب.
• إشراف الولاة والحكام مباشرة على تنظيم التجمعات القبلية وإذكاء التنافس القبلي من أجل حشد الدعم للتعديلات العبثية.
• احتكار وسائل الإعلام العمومية وتسخيرها بصورة فجة وعلى مدار الساعة للدعاية للنظام، وإلغاء كل صوت معارض.
3. لقد كانت عملية الاقتراع مهزلة حقيقية لما طبعها من ضعف في المشاركة وتلاعب بالمكاتب :
• فقد شهدت عملية التصويت مقاطعة لم يسبق لها مثيل في كافة أنحاء الوطن، سجلها كل المراقبين ووثقتها الصحافة والمدونون، وأجمعت عليها عناوين كل الصحف والمواقع الإخبارية الوطنية، مما يعبر عن النتيجة الحقيقية للاقتراع، ويجرد الأرقام والنسب التي قد تعلنها السلطة ولجنتها الانتخابية من أي نوع من المصداقية والجدية.
• ولتعويض عزوف المواطنين شبه التام عن التوجه لصناديق الاقتراع، وبما أن السلطة أثبتت أنها لا تتورع عن أي شيْ من أجل تمرير تعديلاتها المرفوضة، فقد كثر الحديث عن عمليات نزوير واسعة داخل مكاتب الاقتراع، وهو ما تصدقه القرائن التالية :
- استبدال العديد من رؤساء المكاتب "غير المتعاونين" بآخرين مقترحين من طرف أصحاب المبادرات الداعمة لهذه المهزلة.
- استبعاد كل المراقبين المحايدين ومصادرة كل أدوات التصوير والتسجيل، مما يدل على أن السلطة لديها ما تخفيه عن الأنظار، مما يكذب ما تدعيه حول شفافية ونزاهة الاقتراع.
إننا في المعارضة الديمقراطية الموريتانية :
• نعتبر أن الشعب الموريتاني قد أفشل الاستفتاء المسرحي اللادستوري، كما أسقط الشيوخ قبل ذلك التعديلات العبثية، وذلك من خلال مقاطعته للاقتراع على امتداد التراب الوطني ورفضه للمشاركة في هذه المهزلة. لقد فشل النظام سياسيا وسقطت تعديلاته الدستورية عمليا.
• نحيي الشعب الموريتاني على هذا الموقف التاريخي الذي يعبر عن مدى وعيه وتضامنه وحرصه على رفض سياسات النظام التي تقود البلاد الى المجهول وتهدد وحدة الشعب واستقرار الوطن.
• نحيي كل القوى الوطنية من أحزاب وشيوخ ومنظمات مدنية وشباب وشخصيات وكل من ساهم في صنع هذا الانتصار، وندعو الجميع الى تكاتف وتوحيد الجهود من أجل إحداث تغيير ديمقراطي حقيقي في البلاد.
نواكشوط، 5 أغسطس 2017
المعارضة الديمقراطية الموريتانية