عبد الباري عطوان/ هل يَجر وجه زعيم كوريا الشماليّة “الطّفولي” ترامب والعالم إلى حَربٍ نوويّةٍ؟

ثلاثاء, 09/05/2017 - 02:07

 

هل يَجر وجه زعيم كوريا الشماليّة “الطّفولي” ترامب والعالم إلى حَربٍ نوويّةٍ؟ وكيف سَيكون الرّد الأمريكي على التّفجير الهيدروجيني السّادس؟ وهل تستطيع الصواريخ الباليستيّة برؤوسِها النوويّة الوصول للعُمق الأمريكي؟ وما هي خيارات الطّرفين؟

 

 

 

 

من يَنظر إلى وَجه الزّعيم الكوري الشّمالي كيم جونغ أون ومَلامحه “الطفوليّة”، لا يَخرج بأيّ انطباعٍ يُفيد بأن هذا الرّجل لا يتردّد في جَر العالم إلى حربٍ نوويّةٍ إذا تعرّضت بلاده لأيّ استفزازٍ أمريكي.

الزّعيم الكوري الشّمالي يَبدو وعلامات الارتياح المَمزوجة بالثّقة مَرسومةً على وَجهه في كلّ مرّةٍ يَظهر فيها على شاشات التلفزة في بلاده، خاصّةً وهو يَقف بزهو أمام القُنبلة الهيدروجينيّة في مَعهد الأسلحة النوويّة التي فجّرها صباح اليوم الأحد في سادس اختبارٍ نووي.

خُطورة هذا الاختبار تَكمن في كَون قوّة هذهِ القُنبلة تزيد عن عَشرة أضعاف نَظيرتها التي ألقتها قاذفة الولايات المتحدة على مدينة ناكازاكي اليابانيّة في نهاية الحرب العالميّة الثانية.

 

***

نجاح الاختبار كان مُذهلاً، حسب الخُبراء الاستراتيجيين الغربيين في هذا المِضمار، وما يُقلق الولايات المتحدة وجيران بيونغ يانغ أكثر من أيّ وقتٍ مَضى، أن هذهِ القُنبلة يُمكن تركيبها على صواريخ باليستيّةٍ عابرةٍ للقارات يُمكن أن تَصل إلى اليابسة الأمريكيّة.

وزير خارجية اليابان تارو كونو، وَصف هذا التفجير بأنّه “لا يُمكن غُفرانه”، بينما هَرع رئيسه شينزوا آبي إلى الهاتف للاتصال بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب طالبًا النّجدة، أمّا حكومة كوريا الجنوبية فطالبت بردٍّ قويٍّ وفَرض عُقوباتٍ اقتصاديّةٍ أقوى.

الرئيس ترامب قال أن سياسة التهدئة مع كوريا الشماليّة “لم تَعد مُجديةً”، وَدعا إلى اجتماعٍ لفريق الأمن القَومي، وسط أنباء عن عَزمه إرسال حاملات طائرات إلى سواحل شِبه الجزيرة الكوبيّة، وفَرض عُقوبات اقتصاديّة ليس على كوريا الشماليّة فقط، وإنّما على الدّول التي تتعامل مَعها.

إذا عَرفنا أن 90 بالمئة من تجارة كوريا الشماليّة هي مع الصين، فإن هذا يعني أن تهديدات الولايات المتحدة بالعُقوبات مُوجّهةٌ إلى بكين التي تَملك أكثر من ترليون دولار من سَندات الخزينة الأمريكية، وتُعتبر أهم شريك تجاري مع واشنطن، فهل تُقْدِم إدارة ترامب على فَرض عُقوبات على الصين؟ هذا ما نَشك فيه، لأن حال الرئيس ترامب كحال من يُطلق النّار على قَدمه.

ليس أمام إدارة الرئيس ترامب إلا واحدًا من خيارين، الأول أن تَلجأ إلى استخدام القوّة العسكريّة ضد كوريا الشماليّة، وهذا ربّما يُؤدّي إلى تفجير حَربٍ نوويّةٍ قد يَكون حُلفاء واشنطن في اليابان وكوريا الجنوبية والقوّات الأمريكيّة في قَواعدها أبرز الضّحايا، أو أن تَعترف هذه الإدارة بكوريا دولةً نوويّةً وتَفتح حوارًا مَعها على هذا الأساس للتوصّل إلى اتفاق.

الرئيس ترامب كتاجر مُحترف وسِمسار أسلحة ربّما يَستغل هذه الأزمة لابتزاز اليابان وكوريا الجنوبيّة، واستغلال رُعبهما من القوّة النوويّة لبيونغ يانغ لبَيعها صَفقات أسلحة وأنظمة دفاعيّة صاروخيّة بمِليارات الدولارات.

 

***

وجه كيم أون الطّفولي الذي يَخفي خَلفه إرادة حديديّة، ورغبةً عارمةً في تحدّي الولايات المتحدة وتهديداتها الجَوفاء حتى الآن، قد يتحوّل إلى وجهٍ غاضبٍ يتطاير مِنه الشّرر إذا ما قرّر ترامب “المُتهوّر” اللّجوء إلى الخَيار العسكري لوضع حدٍّ للإهانات التي تعرّض ويتعرّض لها من خَصمه الكوري الشّمالي.

لا نَعتقد أن “المُؤسّسة” الأمريكية العَميقة ستَترك ترامب يَقود البلاد إلى الحرب النوويّة، مِثلما لا نعتقد أن الصين التي أدانت هذا التفجير، لذَر الرّماد في عُيون ترامب، ستَقف مَكتوفة الأيدي، وتَسمح بِجرّها إلى هذهِ الحَرب.

ابتسامة كيم جونغ أون ستَزداد عَرضًا في الأيام والأسابيع المُقبلة، فهو الوحيد الذي يَعرف كيف يتعامل مع أمريكا، باتباع سياسة حافّة الهاوية، حتى الآن على الأقل، ومن المُؤكّد أن مِئات الملايين في العالم الذين عانوا من غَطرسة القوّة الأمريكية يَشعرون بالارتياح لمَوقفه الرّجولي هذا.. والله أعلم.