أكد مجموعة من العلماء وطلبة العلم والدعاة في المملكة العربية السعودية، في بيان أنه و “ابتداءً من تاريخ 18ـ12ـ 1438هجري الموافق 9ـ9ـ2017، تم اعتقال عدد من من علماء ودعاة المملكة، وما زالت الاعتقالات مستمرة حتى تاريخ كتابة هذا البيان بتاريخ اليوم ..وأن هذه الاعتقالات “رافقتها بيانات من الدولة عن القبض على مجموعات تتخابر مع الخارج ضد المملكة، وعن محاولة مجموعة إرهابية تفجير مبنى وزارة الدفاع، في سعي من الدولة لربط هؤلاء العلماء الأبرياء بهذه البيانات، إضافة إلى ما يكتبه أصحاب الحسابات الالكترونية التابعين للدولة من تُهم وما ينشرونه من افتراءات”.
وتم التشديد في البيان على أن “هذه الاعتقالات جاءت بعد عدة أحداث مهمة منها: المساعي الدائبة للتطبيع مع الكيان الصهيوني وآخرها الاجتماع الذي حصل مع قيادات صهيونية قبل أيام من حملة الاعتقالات، وسبق ذلك إعلان سفير الإمارات في أمريكا عن أن السعودية ستصبح دولة علمانية خلال عشر سنوات، وهو التصريح الذي لم يتم التعقيب عليه رسميا، إضافة للأزمة الراهنة مع دولة قطر، والإجراءات التعسفية الظالمة ضد عدد من الأمراء المعارضين للتحكم الإماراتي في شؤون البلاد، وللتوجهات العدوانية لولي العهد ضد أسرته وضد الشعب”.
واستطرد أصحاب البيان: “نود أن نؤكد لعلماء الأمة ومفكريها ولجميع الحقوقيين والإعلاميين الشرفاء والمؤسسات المهتمة بحقوق الإنسان أن جميع من نالتهم الاعتقالات التعسفية من رجال ونساء هم من خيرة مجتمعنا وفيهم علماء ودعاة ومفكرون معروفة مكانتهم محليا وعالميا، وهم من المشهورين بالاعتدال والوسطية والدعوة للسلام والأمن والاستقرار ووحدة الوطن ومصلحته، كما نؤكد أن ما قيل عنهم في الإعلام الرسمي والجيوش الالكترونية المأجورة من الدولة ومن نظام أبو ظبي إنما هو محض كذب وافتراء (وقد خاب من افترى)”.
وتوقعوا ” أن تستمر حملة الاعتقالات والتشويه وتطال بعض الضباط والمسؤولين وكذلك بعض القضاة المعروفين بالنزاهة تمهيدا لمحاكمات صورية وأحكام جائرة”.
وجاء في البيان:”إننا لنناشد الجميع نشر بياننا هذا، وتبني هذه القضية إعلاميا وحقوقيا وبكل وسيلة مشروعة، لحفظ هذه البلاد المباركة من تداعيات هذا الظلم البيّن والبهتان الصريح. كما ونعتذر لإخواننا العلماء عن تذييل هذا النداء العاجل باسمائنا، لأن ذلك يعني التغيب القسري في السجون لسنوات طويلة كما هو دأب كل دولة بوليسية، وكما فعل ذلك بالمأسورين السابقين من الإصلاحيين والحقوقيين والذين ما زالوا في الزنازين من عدة سنوات، فك الله أسرهم .نسأل الله أن يرفع الظلم عن المظلومين وأن يفك أسر المأسورين وأن يجعل العاقبة للمتقين”.
“الداخلية” تحث على الإبلاغ عن المحرضين على مواقع التواصل الاجتماعي
يأتي هذا فيما حثت السعودية مواطنيها والمقيمين فيها على الإبلاغ عن أي أنشطة تحريضية على مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام تطبيق على الهواتف المحمولة وذلك في إطار حملة واضحة على معارضي الحكومة المحتملين قبل مظاهرات دعت لها رموز معارضة تعيش في المنفى.
وقالت وزارة الداخلية في رسالة نشرتها وقت متأخر مساء الثلاثاء على حساب تديره على تويتر “عند ملاحظتك لأي حساب على الشبكات الاجتماعية ينشر أفكارا إرهابية أو متطرفة يرجى التبليغ فورا عبر تطبيق #كلنا_أمن”. ونشرت صورة توضح خطوات الإبلاغ عما وصفتها “بالجرائم المعلوماتية”.
وأطلق تطبيق كلنا أمن العام الماضي لتمكين المواطنين من الإبلاغ عن المخالفات المرورية وجرائم السرقات.
وبعد ساعات نشر حساب النيابة العامة على تويتر المادة الأولى من نظام جرائم الإرهاب وتمويله والتي تنص على أن “تعريض الوحدة الوطنية للخطر، أو تعطيل النظام الأساسي للحكم أو بعض مواده، أو الإساءة إلى سمعة الدولة أو مكانتها من الجرائم الإرهابية”.
وبحسب “رويترز″ دعا معارضون سعوديون يعيشون في المنفى إلى خروج مظاهرات يوم الجمعة لتحفيز المعارضة للأسرة الحاكمة.
وقال نشطاء إن السلطات اعتقلت عشرة الأقل من رجال الدين والمفكرين والنشطاء البارزين هذا الأسبوع من بينهم الشيخ سلمان العودة.
والاحتجاجات محظورة في السعودية وكذلك الأحزاب السياسية. ولا يسمح أيضا بإنشاء نقابات وتخضع الصحافة والإعلام للرقابة وقد يؤدي انتقاد الأسرة الحاكمة إلى السجن.
وتقول الرياض إنها لا تحتجز أي سجناء سياسيين ويقول كبار المسؤولين إن مراقبة النشطاء أمر ضروري للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.
وتأتي حملة الاعتقالات التي تحدث عنها النشطاء في أعقاب تكهنات واسعة النطاق نفاها مسؤولون بأن الملك سلمان ينوي التنازل عن العرش لابنه الأمير محمد الذي يهيمن بالفعل على السياسات الاقتصادية والدبلوماسية والداخلية.
وتتزامن أيضا مع توترات متزايدة مع قطر بسبب دعمها المزعوم للإسلاميين ومن بينهم جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها الرياض جماعة إرهابية.
وعبر بعض مستخدمي تويتر عن تأييدهم لحملة الحكومة باستخدام هاشتاج (وسم): #كلنا_أمن.
وقال أحدهم “مجاملة ولا سكوت سوا لقريب أو صديق في أمن الوطن. دافعو عن أمنكم. بدايات الفوضى تكون بشعارات الحرية والإصلاح. لا تصدقوهم”.
تهديد فكري
ولم تعترف الحكومة صراحة بالاعتقالات التي جرت هذا الأسبوع ولم ترد على طلبات للتعليق.
لكن وكالة الأنباء السعودية الرسمية نقلت يوم الثلاثاء عن مصدر أمني قوله “رئاسة أمن الدولة تمكنت خلال الفترة الماضية من رصد أنشطة استخباراتية لمجموعة من الأشخاص لصالح جهات خارجية ضد أمن المملكة ومصالحها ومنهجها ومقدراتها وسلمها الاجتماعي بهدف إثارة الفتنة والمساس باللحمة الوطنية”.
وقال مصدر سعودي لرويترز طالبا عدم الكشف عن اسمه نظرا لحساسية الأمر إن المشتبه بهم متهمون بأنشطة تجسس والاتصال بكيانات خارجية منها جماعة الإخوان المسلمين.
وشددت الحكومة موقفها في أعقاب الربيع العربي في 2011 بعد أن تفادت الاضطرابات بزيادة الرواتب وغيره من أوجه الإنفاق الحكومي.
لكن جماعة الإخوان المسلمين، التي يرى تظام الحكم في السعودية أنها تمثل تهديدا فكريا له، اكتسبت قوة في أماكن أخرى بالمنطقة.
وأنه منذ تأسيس المملكة أقامت الأسرة الحاكمة تحالفا وثيقا مع رجال الدين الوهابيين. وفي المقابل ينهي رجال الدين عن عدم إطاعة ولاة الأمر أو الخروج على الحاكم.
وطالبت حركة الصحوة التي ظهرت في التسعينيات بتطبيق الديمقراطية في السعودية وانتقدت الفساد في الأسرة الحاكمة والتحرر الاجتماعي والعمل مع الغرب بما في ذلك السماح لقوات أمريكية بدخول المملكة خلال حرب تحرير الكويت عام 1991.
وقُوضت هذه الحركة بدرجة كبيرة بمزيج من القمع والاستقطاب لكنها لا تزال نشطة.
وقالت “رويترز″ إنه دائما ما تنظر أسرة آل سعود الحاكمة إلى الجماعات الإسلامية على أنها أكبر تهديد لحكمها في بلد لا يمكن فيه التهوين من شأن المشاعر الدينية كما قتلت فيه حملة للقاعدة قبل نحو عشر سنوات مئات الأشخاص.
وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية وروابط النقل مع قطر في يونيو/ حزيران متهمة إياها بدعم إسلاميين متشددين وهو اتهام تنفيه الدوحة.
القدس العربي