فى الاشهر الأولى من تدريبنا كممرضين متجاوزين الامتحان "التمهيدي" للتو فى العام الدراسي 1994 ـ 1995 وجهت مع ثلاثة من زملائى وأربع من زميلاتى إلى ماكان يعرف بمركز الأمراض العقلية والعصبية (طب جاه) لم يعد قائما اليوم وحل محله "مركز التخصصات الطبية"
عقد بنا مؤطرنا اجتماعا على عجل وهو يودعنا ويودع ملفات تدريبنا لدى الإدارة المعنية من ضمن ما قال لنا من بين وصاياه "العشر" /
ـ عليكم بملاطفة المرضى ومصافحتهم والانفتاح عليهم ومعاملتهم كأنهم من أفراد أسركم هذا هو أهم شيئ لتنالوا ثقتهم
كانت وصية أخلاقية مهنية إنسانية ثمينة وكنا بحاجة إليها
وزعنا المؤطر على الأقسام بمعية مراقبيها وممثل عن الإدارة لنبدأ العمل التطبيقي
رفضت إحدى الزميلات التدريب فى قسم استقبال الحالات النفسية فكان الحل أن أتبادل معها المهام فأنا محول لقسم حجز الأمراض العصبية وفعلا قبلت جهات الإشراف ذلك الحل الدائم والنهائي
ذهبت إلى قسم استقبال الحالات النفسية
كان هناك أشخاص فى انتظار الطبيب منهم من يغنى ومنهم من يرتل ومنهم من لديه شأن يغنيه عن الغناء والترتيل
تذكرت أنه علي التقيد بنصائح المؤطر فقررت مصافحة جميع من فى القاعة أما "الملاطفة" للأمانة فقد كان المؤطر فى غنى عن ذكرها فلا أحد هنا على "مركوبها"
صافحت شخصين ( بوثاقة حمار يستعد لإيداع رأسه فى علافته ) ثم تجاوزت للشخص الموالى كان شخصا مطرقا مشغول البال لا يتكلم ولا يبدى أي اهتمام بماحوله ومن حوله وضعت يدى فى يده
تشبث بيدى وقد ابتلعتها يده بسرعة
حاولت سحب يدى لكن بدون جدوى ضغط عليها بقوة ودون أبسط تعليق أوتعبير أوانفعال
كان وقت مصافحتى له قريبا من العاشرة صباحا وواصل الاحتفاظ بيدى (على ذمة التحقيق) ساعات طويلة
منتصف النهار ولا فائدة
الواحدة ظهرا ولا فائدة
الثانية والضغط يزداد قوة على يدى دون أن يصدر أي تعليق أوبيان من صاحبى
تدخل الجميع الممرضون والإداريون والطبيب المداوم
كانت مفاوضات شاقة وعسيرة وصعبة وطويلة
الرجل لامطالب لديه لا قضية بعينها تشغل باله لم ينبس ببنت شفة
كل الوساطات فشلت وانسحب الوسطاء
كنت متوترا فالرجل ضغط على يدى بقوة وأحيانا "يغمزنى" فيها بلطف دون أن أفهم شيئا
مشكلة هو لا يتكلم لايرضى لايغضب لا يتحرك حتى لقضاء حاجة اواستبدال وضعية
فجأة وبدون مقدمات أطلق سراح يدى وبوجه خال من أية تعابير حزن أوفرح أوغضب أورضى أوانفعال من أي نوع
الخامسة مساء أصبح بمقدورى النزول من المستشفى بعد أول حصة تدريب تضمنت أطول مصافحة فى التاريخ لو علم بها "غينيس" لأضافها لموسوعته للأرقام القياسية