مع إدراكي العميق لحجم القطيعة بين مكوناتنا المجتمعية بيد أن مشهدا كتب لي التفرج عليه هذا الصباح أرعبني حقيقة وجعلني أشعر أن الأمر وصل حد الخطر البالغ.
..بينما كنت أقف أمام منزل في أحد أحياء العاصمة أدق الجرس مستأذنا للدخول لاحظت أن عددا من جيران المنزل ينظرون إلي بشكل لافت، خشيت أن هناك خللا ما في ملابسي فقد كنت خرجت مبكرا بعض الشيئ( الساعة العاشرة يوم الأحد)، دققت في وضع الملابس وتأكدت أن ليس بها ما يلفت النظر.. أعدت النظر فإذا النظرات ما زالت محملقة في قلت في نفسي يا إلهي ما الأمر.. لم يطل انتظاري فقد كان إحدى السيدات المشاركات في حفلة " لخزير" تنادي علي من المنزل المقابل : هيه هيه..الراجل هاه وهاي ايلاه"
اعتبرت الأمر فتحا مبينا فقد وجدت من ينادي علي ليخبرني أمرا ربما يساعد على فهم الحقل الغامض الذي وجدت نفسي فيه.. تقدمت إليها ملقيا السلام فردت بأدب وقالت لي: " انت كيف ش ذاهب "
قلت لها :كيف عرفت ذلك، أجابتني : إلا الخبرة اتبارك الل انت لاه اتعود واعد دار اهل افلان ول افلان قلت لها : ما نل مان واعدها ان واعد ال هذي الدار، ردت بعناد يالراجل ان قلت لك عنك ذاهب.. قلت لها : يالمرة.. ابدي مان ذاهب هاذي اماله دار فلان با قالت لي : أهيه قلت الها ايو شوفي هذا الدار مولاها خوي وزوجته خالة أبنائي وهم معها منذ الأمس وقد جئت الآن لأخذهم معي إلى البيت.
وضعت المسكينة يدها على رأسها لا أعرف أخجلا أم استغرابا أم استنكارا فودعتها بعد أن سألتها عن حالها وحال الأهل أو شمواسين امع الحمان...
بصراحة وبرغم معايشتي لعشرات القصص الشبيهة لكن هذه الحالة وخزتني بعمق؛إذ كيف وصلت القطيعة بيننا درجة يستغرب فيها الجيران إلى هذا الحد رؤية مواطن يزور أسرة من غير مكونته الاجتماعية ويجزمون أنه "ذاهب"!!!!. اوهو باط يعرف مولان عنو ماه ذاهب
صدقوني إن أزماتنا المجتمعية لا تقل عمقا وخطورة عن أزماتنا السياسية