نشرت صحيفة “الموندو” الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عما سمته بـ”سر اختفاء الأمراء في السعودية”، حيث أفادت عدة مصادر بأن خطف أفراد العائلة المالكة عملية مفتعلة من قبل النظام.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي أعده فرانسيسكو كاريون, إن عملية الاختطاف كان ضحيتها ثلاثة أمراء من العائلة المالكة السعودية، الذين لطالما عُرفوا بانتقادهم لحكومة العاهل سلمان بن عبد العزيز.
وفي هذا السياق، عرضت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” فيلما وثائقيا سلّطت فيه الضوء على هذه الخطة، التي رسمها النظام السعودي بإحكام بهدف قمع المعارضة في صلب العائلة المالكة الموسعة.
وأوردت الصحيفة أن أول حالات الاختفاء تعود إلى شهر أيلول/سبتمبر من سنة 2015، إذ كان الأمير سعود بن سيف النصر بن سعود على رأس هذه القائمة “فخلال سنة 2014، سلط هذا الأمير رقابة على سياسة الملك سلمان بن عبد العزيز”. حسب ترجمة عربي 21.
وتضيف الصحيفة: “في إحدى تغريداته على موقع تويتر، دعا هذا الأمير إلى إجبارية محاسبة كبار المسؤولين السعوديين، الذين شاركوا في أعمال الشغب التي جدت خلال شهر تموز/يوليو سنة 2013 في مصر لإزاحة الإسلامي المصري محمد مرسي عن كرسي الرئاسة، وفي وقت لاحق، أعرب الأمير سعود بن سيف النصر عن تأييده للرسالة المجهولة التي كانت تدعو إلى تنظيم انقلاب في القصر الملكي”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “درب الأمير قد تلاشى على إثر هذه الأحداث بوقت قصير، فقد أكدت مصادر مقربة منه أنه استقل طائرة خاصة متوجها إلى روما لحضور اجتماع عمل وتوقيع عقد مع إحدى الشركات الإيطالية، لكن انتهى المطاف بطائرته في الرياض، ومنذ ذلك الحين لم يعرف أحد مكانه”.
ونقلت الموندو تصريحات الأمير السعودي، خالد بن فرحان آل سعود، الذي يقيم في ألمانيا منذ سنة 2013، حيث قال: “ليس لدي بيانات نهائية، لكن أعتقد أنه قُتل”. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال خالد خائفا من مواجهة نفس مصير رفاقه، إذ أكد من جهة أخرى أن “الأمير تركي بن بندر كان عرضة لنفس المصير، بأمر مباشر من الملك سلمان”. والجدير بالذكر أن بن بندر كان ضابط شرطة سابقا متكفلا بمسؤولية تأمين العائلة الملكية.
وتورد الصحيفة أن تركي بن بندر “انتقل من مقر إقامته نحو باريس، وشرع في بث أشرطة فيديو يوتيوب يطالب فيها بالقيام بإصلاحات في صلب عائلة آل سعود”، وفي الأثناء، أثارت هذه المقاطع ردود أفعال عنيفة من طرف السلطات السعودية، إلا أن بن بندر كان متحديا وقام بتسجيل إحدى المحادثات مع نائب وزير الداخلية. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من سنة 2015، تم إلقاء القبض على الأمير عندما كان على وشك السفر إلى فرنسا وتم احتجازه في أحد السجون المغربية، ليتم فيما بعد ترحيله إلى السعودية.
وأوضحت الصحيفة أن أكثر القضايا إثارة هي قضية الأمير سلطان بن تركي، الذي اختطف منذ شهر شباط/ فبراير 2016، وذلك بخدعة مماثلة لعملية اختطاف سعود بن سيف النصر. فقد كان بن تركي مسافرا على متن طائرة متجهة نحو القاهرة، لكن تم تحويل وجهتها فجأة نحو الرياض.
وحسب ما تم تداوله، فإن بن تركي اكتشف الخدعة التي تم تدبيرها ضده ودخل في جدال وصراخ مع المضيفات، وما إن نزلت الطائرة حتى أُحيطت بعدد كبير من وحدات الأمن، حيث تم نقل الأمير قسرا إلى سيارة دون لوحة ترخيص. وإلى حد الآن لا يزال مكان تواجده مجهولا.
ونوهت الصحيفة بأن “حالات الاختفاء لم تلق الاهتمام الذي تستحقه، في المقابل، لم تقدم السلطات السعودية والأطراف المتواطئة معها أي معلومات في هذا الخصوص”.
في هذا الصدد، أكد الصحفي والمحلل السعودي المشهور، خالد باطرفي، أنه لم يسمع أي شيء قط عن هذه المسألة في السعودية، مشيرا إلى أنه لا يؤمن بصحة هذه المعلومات. وبالتالي، من الواضح أن الرياض تريد السيطرة على كل من يسعى إلى عرقلة الخلافة وانضمام محمد بن سلمان إلى العرش.
وتنقل تحذيرات الناشط السعودي في مجال حقوق الإنسان من واشنطن، علي الأحمد، “الذي أقر بأن عمليات الاختطاف ليست تدبيرا منعزلا، وإنما هي أمر منهجي تستخدمه السعودية ضد الأمراء الآخرين المنفيين في سويسرا أو الأردن أو مصر خلال العقد الماضي. لقد اختفوا جميعهم في ظروف غامضة ولم يُسمع عنهم أي خبر إلى الآن”.
وتختم الموندو بالإشارة إلى أن أكثر الملفات إثارة في الوسط الإعلامي إلى حد الآن هي قضية أسر بنات الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز واختفاؤهن فيما بعد. ومنذ أوائل سنة 2015، لا يزال مكانهن مجهولا شأنهن شأن الأمراء الثلاثة.