تقبل الساحة السياسية الموريتانية حاليا على سخونة كبيرة لجميع خطوطها المعارضة وذلك بعد عطلة سياسية مطولة استمرت أكثر من شهرين.
فقد أعلن منتدى المعارضة الموريتانية أمس على لسان مسئوله الإعلامي صالح ولد حننه رئيس حزب التغيير، عن «توجه المنتدى نحو عودة ساخنة للساحة عبر أنشطة مختلفة».
وأكد ولد حننه في توضيحات لبرنامج «المشهد» الذي تبثه قناة «المرابطون» المستقلة، «أن هيئات المعارضة عاكفة في الوقت الحالي على قراءة جديدة للساحة سيتلوها وضع وتنفيذ برنامج موسع للأنشطة السياسية على مستوى العاصمة كما على مستوى مدن الداخل».
وفي الإطار نفسه أعلن تنظيم «موريتانيا الغد» المعارض الذي يهيمن عليه المدونون عن «عودة قوية للميدان». وأوضح منعش التنظيم السعد ولد حمادي في تدوينة على صفحته أمس «أن الكثيرين يسألون عن موريتانيا الغد التي كانت حاضرة بقوة أثناء حملة الاستفتاء الأخيرة».
وقال «الحقيقة هي أن ميلاد التيار كان شبه تلقائي، وبرغم الفترة الاستثنائية التي وُلد فيها التيار إلا أنه أبلى بلاء حسنا واستطاع في فترة وجيزة وبمساعدة قوى وطنية أخرى إرباك النظام وإفشال الاستفتاء بعد أن قاطعت غالبية الموريتانيين مهزلة الاستفتاء».
وأضاف «بعد الاستفتاء، كان لزاما أن ننظم أنفسنا ونستجمع قوتنا من أجل الانطلاق في العمل الميداني بثبات ومن دون توقف حتى يتحقق هدفنا المنشود سنة 2019، وهو إعادة قطار الديمقراطية الموريتانية إلى سكته وإرساء دعائم دولة مدنية مستقرة تحقق الازدهار والعدل والمساواة لجميع المواطنين الموريتانيين».
وقال «بعد يوم غد سنبدأ توزيع المناشير، وسنبدأ حملتنا بحول الله بقضية السيناتور محمد ولد غدة، وفي الأسابيع والأشهر المقبلة، نخطط بإذن الله، للقيام بنضال ميداني لم تشهد له موريتانيا مثيلا من قبل.»
وتزامنت عودة المعارضة لقواعدها مع خلل مستجد في معارضة الوسط التي اعتمدت عليها الحكومة في الحوار السياسي الذي كان من نتائجه الاستفتاء على تعديل الدستور المنظم في الخامس آب/أغسطس الماضي.
فقد أعلنت «كتلة المواطنة» التي يقودها السفير بلال ولد ورزك في بيان وزعته أمس «أنها وهي تذكر بأدوارها التاريخية طوال المرحلة السياسية التي ميزها الحوار، لتؤكد ضرورة ونجاعة التوافق بين أطراف الحوار الوطني الشامل من أجل إخراج موريتانيا من الأزمة السياسية الراهنة، وهو ما يفرض المطالبة بتصحيح المسار وفي انتظار تحقق ذلك المطلب تقرر الكتلة تعليق مشاركتها في جلسات لجنة متابعة الحوار وتجميد أنشطتها المرتبطة بهذا المجال».
وأضاف البيان «أن الحوار كان قناعة حقيقية لدى أعضاء كتلة المواطنة من أجل الحفاظ على موريتانيا غداة انطلاق الأيام التشاورية الممهدة للحوار الوطني الشامل المنعقدة في سبتمبر 2015، حيث دافعوا عن تلك القناعة في جلسات الحوار الوطني الشامل المنظم في أكتوبر 2016 قبل تأكيد مضيهم قدما في تطبيق مضامين وروح مخرجات الحوار بشكل توافقي وتشاركي بعيدا عن التغول».
«لقد بدت مرحلة التطبيق شكلية، تضيف كتلة المواطنة، كونها لم تراع الاجراءات الحكومية المتعلقة بها التوافقات التي وقعت عليها أطراف الحوار الوطني الشامل معارضة وموالاة؛ وهكذا شكلت لجنة لصياغة الرموز الوطنية من دون التشاور معنا وسارت الجلسات التي أعقبت ذلك على المنوال نفسه حيث غالبا لا تؤخذ بعين الاعتبار المقترحات والتوصيات المطلوب إدراجها في الوثائق المقدمة للجمعية الوطنية، وعلى صعد موازية غابت الشفافية في تسيير الملف برمته ما يوضح أن الاتفاق الموقع في العشرين من أكتوبر 2016 ومخرجاته كانا عرضة بشكل مستمر للخرق من قبل الإدارة التي انتدبها النظام لتسيير جلسات الحوار».
وتأتي هذه التفاعلات بينا تتوقع المصادر الإعلامية المحلية قيام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بإقالة الحكومة الحالية بعد استكمال زياراته لولايات نواكشوط الثلاث، واطلاعه على حقائق الإدارات الحكومية وحقيقة ما يجري في مختلف القطاعات».
وأكد موقع «أخبار الوطن» الإخباري «أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة حيث ستشهد انتخابات بلدية ونيابية وإنشاء مجالس محلية، وهي مرحلة تحتاج لرجال أكفاء أقوياء يملكون تجربة سياسية وخبرة واسعة، ولا يريدون غير مصلحة الوطن، ولا يشغلهم زرع الخلافات والصراعات، وهم موجودون بالفعل في موريتانيا وليس بينهم من يمتنع عن خدمة الوطن.» وأضاف الموقع «أن نظام ولد عبد العزيز باق بعد 2019، ولهذه الأسباب يحتاج لرجال أقوياء سيكملون ما بقي من برنامجه الانتخابي، كما أن بعض المراقبين يتنبؤون بعام مجدب وهو ما يلزم الحكومة بوضع وتنفيذ سياسات مستعجلة لدعم التنمية الحيوانية وتوزيع الأعلاف ومواكبة الجفاف بشتى الوسائل».
واعتمادا على التطورات وعلى ما يتوقعه الجميع، فإن مطلع السنة المقبلة سيشهد تطورات مهمة وسخونة في المشهد السياسي الموريتاني وذلك لسببين أولهما أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز مصر على تنفيذ أجندته التي ترى المعارضة أن هدفها النهائي هو فتح أقفال الدستور أمام بقائها في السلطة بعد انتهاء مأموريتيه منتصف عام 2019، والسبب الثاني هو شعور المعارضة الموريتانية بمرارة الهزيمة أمام نجاح الرئيس في تنفيذ سياساته، مضافا للامتعاض العام مما تسميه المعارضة «معاقبة النظام للمعارضين من أعضاء مجلس الشيوخ» المنحل؛ كل هذا سيدفعها لتفعيل نشاطاتها السياسية للتعويض عن الخسائر، وهو ما يؤكد دخول موريتانيا عما قريب في هزات سياسية قد لا تخلو من العنف.
عبدالله مولود/ القدس العربي