شكل نزع صفر من قيمة الأوقية الموريتانية الذي أعلنه الرئيس الموريتاني قبل يومين بمناسبة ذكرى الاستقلال، منذ أمس شاغلا كبيرا للموريتانيين جعل الكثيرين منهم يتوقعون كارثة كبرى حسبما تعكسه التدوينات المنشورة.
وتخلى المدونون وهم من شتى طبقات المجتمع، عن اهتماماتهم بتغيير العلم وتغيير النشيد، ليركزوا على نزع الصفر من قيمة العملة.
وبدأ الجميع يبحثون عن تفسيرات للطريقة التي ستصبح بها المليون أوقية 100 ألف، وال 100 أوقية عشرة آلاف، وال 100 أوقية عشر أواق فقط.
ولم تقدم الحكومة حتى أمس تفسيرا لهذا الانقلاب النقدي الذي سيبدأ تنفيذه مطلع السنة المقبلة، حيث سيسحب البنك المركزي الموريتاني جميع المتداول حاليا من العملة ليستبدله بنسخة أخرى من العملة ذاتها لكن بقيمة مخفضة بالعشر.
وقد أحال وزير المالية والاقتصاد في صفحته على الفيسبوك المستفسرين عن التعديل النقدي الجديد لمقال كتبه أنيس أيوب في عام 2010 تعليقا على حذف ثلاثة أصفار من الدينار العراقي.
وقد أصيب المدونون الذين عادوا لشروح أيوب بصدمة كبيرة عندما قرؤوا آراء الكاتب المتخصص حول ظهور الأصفار وحذفها في العملات والعوامل النفسانية المترتبة على ذلك وكلفة وتداعيات حذف الأصفار.
وتوقف المدونون عند قول أيوب «لا بد من إيضاح حقيقة أن إلغاء أصفار أية عملة في العالم، لا يعني بحال من الأحوال تحسنا في سعر الصرف، وهذا بدوره يقود لاستنتاج آخر هو أن حذف الأصفار لا يعني كذلك أي تحسن في دخل المواطن، ولا يعني معالجة المشكلات الاقتصادية الكثيرة التي يعاني منها الاقتصاد».
كما توقفوا عند قوله «لو كان الحال كذلك، لألغت كل حكومات العالم الأصفار من عملاتها، كما أن الحذف لن يعالج التضخم ولن يسهم في تفاقمه، ولن يعزز الإصلاح الاقتصادي».
وتناقل المدونون الموريتانيون كذلك ضمن رحلة بحثهم الحالية عن تداعيات التغيير في عملتهم، رأي خبير الاقتصاد السوداني محمد التقي عثمان حول حذف الأصفار من العملات، حيث توقفوا عند قوله «كثير من الدول لجأت إلى خيار تقليص عدد الأصفار كحل لمشكلة تدهور قيمة العملة، متناسية أن قوة العملة تتأتى من قوة الاقتصاد، فالسودان حذف صفرين من عملته عام 2007 وألغت بوليفيا ثلاثة أصفار من عملتها عام 2008 وأزالت رومانيا أربعة أصفار من عملتها عام 2005 وقامت تركيا بشطب ستة أصفار من عملتها عام 2005 والعراق حذف ثلاثة أصفار في 2011، ولكن الأمر أشبه بالتشبيه الشائع الذي يقول إن بعض الدول تستخدم مقياس الجالون لقياس الوقود بدلا من الليتر (كل 1 جالون = 4 ليترات) هذا لا يعني أن الدول التي تستخدم مقياس الجالون لديها وقود أكثر». «هناك دول، يضيف الخبير السوداني، لم يغن إلغاء الأصفار عنها شيئا فعمدت إلى إلغاء عملتها الوطنية بالكامل مثل زيمبابوي، وآخر عملة طبعت في زيمبابوي قبل إلغائها في 2009م كانت بقيمة 100 تريليون دولار وهي لا تشتري حزمة جرجير».
وضمن عشرات التدوينات التي غصت بها صفحات المدونين الموريتانيين، ما كتبه المدون البارز محمد محفوظ ولد أحمد ولاقى عشرات الإعجاب، حيث قال « مبارك.. قنينة الماء سيصبح سعرها 10 أواق، وكذاك رغيف الخبز سيصبح 10 أواق فقط، ومعاينة الطبيب المتخصص ستصبح 700 أوقية بدلا من سبعة آلاف…!أجل، كل شيء سيصبح بعُشر ثمنه، حتى سعر الوقود سيصبح 39 أوقية، من دون أن ينقص ذلك من «كومسيون» الحكومة…!».
يا له من فتح، لولا أن…الموظف الذي يتقاضى 100.000 أوقية سيقفز راتبه (قفزَ المظلي) ليصير عشرة آلاف فقط، والبرلماني الذي يتقاضى 800.000 أوقية على التصفيقة أو التصفيقتين، سيصبح راتبه ثمانين ألفا فقط، والوزير، يا لهف نفسي على الوزير المسكين، الذي كان يتقاضى 1.500.000 أوقية سيكون راتبه 150.000 أوقية فقط»!!
وعلق المدون سيد أعمر شيخنا على تصفير العملة قائلا موريتانيا لا تحتاج لنزع الصفر بل تحتاج لنزع الواحد؛ كان اكتشاف الصفر فتحا في الرياضيات وكان طغيان الواحد كارثة في تأريخ الشعوب».
القدس العربي