قوبلت معايير حددتها اللجنة المكلفة بتسيير وتوزيع موارد صندوق دعم الصحافة الخاصة الموريتانية، بانتقادات واسعة من طرف مواقع واتحادات إعلامية مستقلة اعتبرتها «تضييقا وترهيبا للصحافيين».
وكانت اللجنة أعلنت «أنها ستحرم من الدعم كل مؤسسة أو هيئة تنشر أو ترعى إساءة للمقدسات الدينية أو الرموز الوطنية أو تبث خطابا متطرفا أو تنشر ما يهدد السلم الأهلي أو الحوزة الترابية أو تسرب أسرارا عسكرية للدولة أو تنشر قذفا أو سبا شخصيا لرئيس الجمهورية أو رجال القضاء أو أعضاء الحكومة أو القيادات العسكرية والأمنية أو رئيس وأعضاء السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية أو أعضاء اللجنة المكلفة تسيير وتوزيع موارد صندوق دعم الصحافة الموريتانية الخاصة».
كما أكدت أنها «ستمنع كل مؤسسة إعلامية تقوم بنشر يهدف إلى التأثير أو التشويش على سير أو نتائج أعمال القضاء أو السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية أو اللجنة المكلفة بتسيير وتوزيع موارد صندوق الدعم العمومي للصحافة الموريتانية الخاصة».
وأكدت اللجنة «أنها ستطبق أحكام هذه المادة خلال كامل مأموريتها» مشيرة إلى أن «هذه الإجراءات ستشمل فقط التصرفات اللاحقة على نشر بيانها الحالي».
واعترضت نقابة الصحافيين الموريتانيين واتحاد الصحافة الالكترونية وشبكة الصحافيات الموريتانيات وتجمع الناشرين الموريتانيين، على المعايير التي حددتها اللجنة المكلفة بتسيير وتوزيع موارد صندوق دعم الصحافة الخاصة.
وأكدت الاتحادات والنقابات المعترضة في بيان «أن الحقل الإعلامي فوجئ لبيان موقع باسم رئيس لجنة توزيع صندوق دعم الصحافة الخاصة لسنة 2017 لما حمله في طياته من ترهيب الصحافيين وتخويف الهيئات والمؤسسات الإعلامية ووضع الكثير من العراقيل والقيود كشروط لاستفادتها من الدعم العمومي للصحافة الخاصة».
وأضاف البيان «تأسيسا على قانون الصحافة في موريتانيا الذي يضمن الحريات الإعلامية، وبعد الاطلاع على مقتضيات القانون 024 /2011 وترتيبات المرسوم 156/2011 المنشئ للجنة توزيع صندوق دعم الصحافة الخاصة، من الواضح أن الأخيرة تجاوزت كل الحدود وأقحمت نفسها فيما لا يعنيها، لأن المحاسبة على النشر من اختصاص القضاء حصرا، فمنذ 2006 انتقلت الرقابة إلى القضاء وأصبحت بعدية، ولم يعد يحق قانونيا لأي جهة أخرى حق رقابة ما ينشر في الإعلام».
«وانطلاقا من ذلك، وفي ظل الخرق السافر لقانون الصحافة فإن الموقعين على البيان يسجلون رفضهم التام للتضييق على الصحافيين ومؤسساتهم الإعلامية من خلال ربط دعمهم المادي بالتدخل في خطهم التحريري».
ودعت الهيئات الموقعة على بيان الاعتراض إلى «وضع معايير شفافة ونزيهة لاختيار ممثلي الصحافة في لجنة توزيع دعم الصحافة الخاصة، واختيار أصحاب الكفاءة والتجربة من الصحافيين المهنيين المعروفين بالاستقامة والنزاهة» مسجلين «تحفظهم على أي تمثيل يقصي أبرز الهيئات الصحافية الفاعلة من لجنة تسيير الدعم».
وأثارت المعايير التي حددتها اللجنة المكلفة تسيير وتوزيع موارد صندوق دعم الصحافة الخاصة الموريتانية، اعتراض اثنتين وأربعين هيئة إعلامية من أعرق المؤسسات الإعلامية المستقلة في موريتانيا.
وأكدت هذه الهيئات «أن الإعلام الموريتاني، حقق، رغم كل ما قيل ويقال، إحدى الصور المضيئة في هذه الربوع، وهو من المجالات التي تنال البلاد فيها تصنيفا متقدما ضمن التقارير الدولية المتخصصة في المجال، ومن المفروغ منه أن هذه الصورة كان للجميع الدور الأبرز في الوصول إليها، وعملت أجيال على بنائها خلال العقود الماضية، كما أن المحافظة عليها مسؤولية الجميع، وواجبه».
«إننا في المؤسسات الموقعة على هذا البيان، ونحن ندرك واقع الإعلام اليوم، وحجم التحديات التي تواجهه، وعظم المسؤوليات الملقاة على عاتقنا نعلن دعوتنا الجميع إلى احترام الإعلام، وتفهم دوره، ودعمه في أداء رسالته المقدسة، وفي تعزيز الشفافية والديمقراطية ورفع مستوى الوعي في البلاد».
وشددت المؤسسات في بيانها على رفضها للبيان الأول للجنة دعم الصندوق وخاصة في فقرته التي تقيد حرية الصحافي وتضع شروطا غير مهنية ولا قانونية للنشر، كما دعت «إلى التريث في التعاطي مع الصندوق لهذا العام لحين التوصل إلى حل للأزمة القائمة حاليا» معلنة «استعدادها للعمل بكل الطرق من أجل ضمان شفافية التمويل الذي يقدمه دافع الضرائب الموريتاني لدعم الإعلام في البلاد».
وفي إطار هذا السجال، أكدت اثنتا عشرة هيئة صحافية مستقلة أخرى «ترحيبها بالضوابط التي حددتها اللجنة المكلفة بتسيير وتوزيع موارد صندوق دعم الصحافة الخاصة الموريتانية لكونها تستهدف تمهين المؤسسات وإرساء الأخلاقيات الصحافية أمام تيار جارف من استسهال السب والقذف والتجريح، والتطاول على جميع الرموز الدينية وثوابت الأمة والمجتمع والدولة، واستساغة الولوغ في الأعراض المحصنة شرعا وقانونا».
ورحبت الهيئات الإعلامية المذكورة «بقرار اللجنة تفعيل دوراتها على مدار العام، بعد أن كانت محصورة في دورة يتيمة، تطبيقا للقانون، وفتحا للمجال أمام أكبر استفادة ممكنة للمؤسسات الصحافية من الدعم».
يذكر أن الدعم العمومي للصحافة الخصوصية محدد القانون رقم 2011-024 بتاريخ 08 اذار/مارس 2011 الذي أنشأ لجنة خاصة، مكلفة بتوزيع هذا الدعم السنوي البالغ 200 مليون أوقية (571 ألف دولار) مقسمة بين الصحافة الإلكترونية والورقية والمرئية.
ويرأس هذه اللجنة عضو من السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، وتتضمن ثلاثة أعضاء باعتبارهم ممثلين لمختلف التجمعات الصحافية، كما تتضمن أعضاء ممثلين للإدارات ذات العلاقة.
عبد الله مولود
نواكشوط ـ «القدس العربي»