ولد عبد العزيز ينتقد استغلال قضية الرق لتشويه سمعة موريتانيا

أربعاء, 12/06/2017 - 11:06

حمّل الغرب المسؤولية عن فوضى «اللا دولة» التي تشهدها ليبيا

انتقد الرئيس الموريتاني محمد ولد عيد العزيز بشدة النشاطات التي يقوم بها حقوقيون موريتانيون مدافعون عن الرق في الداخل والخارج لتشويه سمعة بلاده، كما حمّل الدول الغربية مسؤولية ما يجري في ليبيا من فوضى واتجار بالبشر.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها على هامش المهرجان السابع للمدن الموريتانية المتواصل حاليا ليومه الخامس في مدينة تيشيت شمال شرق موريتانيا.
وتحدث الرئيس الموريتاني عن حالات الاتجار بالبشر في ليبيا التي بثتها قناة «سي.أن.أن» مؤخرا، فأكد «أن ليبيا ليس فيها نظام دولة»، مضيفا «أن المسؤول عن كل ذلك هو الغرب الذي دمر البلد واغتال رئيسه».
وقال «سبب ما يجري في ليبيا من اتجار بالبشر، هو الفوضى العارمة والإرهاب الذي ينخر البلد». وأضاف «ما تشهده ليبيا هو ثمرة القصف الغربي لهذا البلد الذي دمر كيان الدولة وأشاع الفوضى وفتح الطريق أمام الإرهاب حاليا ليست هناك دولة في ليبيا والغرب هو المسؤول».
وحول الرق في موريتانيا، تساءل الرئيس في رده على الصحافيين « لِمَ يكثر اللغط حول قضية الرق أكثر من غيرها؟ ولِمَ لم يتكلم هؤلاء الذين يطرحون قضية العبودية اليوم عن الرق قبل خمس عشرة سنة؟ السبب، يضيف الرئيس الموريتاني، هو أن هؤلاء أيقظوا قضية الرق لأنهم لا يحكمون البلد حاليا»، حسب قوله.
وشدد الرئيس الموريتاني في تصريحاته انتقاده «للذين يستغلون قضية الرق لتشويه سمعة موريتانيا التي تعتز بتنوعها العرقي»، حسب قوله. وقال «عرفت موريتانيا الرق في السابق شأنها شأن مجتمعات كثيرة، لكن الرق لم يعد موجودا وإنما الموجود هو مخلفاته وانعكاساته الاجتماعية التي تواجهها الحكومة على مستويات عدة».
وشدد الرئيس الموريتاني تأكيد أن «حكومته تبذل أقصى جهودها لمحو آثار هذه الممارسة غير المشرفة للكرامة الإنسانية».
وأضاف «صادقت الحكومة الموريتانية في آذار/مارس 2015 على خريطة طريق لمحاربة الاسترقاق والقضاء على مخلفاته في أفق عام 2016 وذلك بالتنسيق مع الأمم المتحدة، واشتملت هذه الخريطة على 29 توصية تغطي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، والحقوقية، كما تشمل الجوانب التعليمية والمعرفية.»
وفي المجال الاقتصادي والاجتماعي أوصت خريطة الطريق، على تركيز الاستثمار في المناطق التي يعاني سكانها من الفقر وتدني مستوى الدخل بسبب تأثرهم تاريخيا بالاسترقاق، وذلك من خلال توفير البنى التحتية والخدمية، وتمويل المشروعات المدرة للدخل وخلق نشاطات اقتصادية في محيط الفقراء من أبناء هذه الشريحة.
وفي المجال القانوني والحقوقي أوصت الخريطة بمراجعة النصوص القانونية المتعلقة بتجريم الاستعباد وتضمينها تغريم من تثبت عليه ممارسته وإلزامه بالتعويض للضحية، فضلا عن تكوين القضاة في مجال التعاطي مع قضايا الرق، وتقديم المؤازرة القانونية للمستعبدين من خلال توكيل محامين للدفاع عنهم.
وفي مجال التعليم نصت على توفير التعليم وإلزاميته في المناطق التي يوجد فيها الأرقاء السابقون والتي تعرف محليا باسم «آدوابه» وتوفير الحضانات المدرسية فيها لتتولى إعاشة الأطفال وتحمل نفقات تعليمهم، إضافة إلى تقديم مساعدات مالية لآباء الأطفال مقابل السماح لأبنائهم بالالتحاق في مقاعد الدراسة.
وكانت إحصاءات صادرة عن الأمم المتحدة قد قدرت عدد الأرقاء في موريتانيا بـ 43.000 شخص وهو ما يمثل 1.06% من مجموع السكان.
وشاعت في المجتمع الموريتاني ومنذ القدم ممارسة الاسترقاق بمختلف صوره وشتى أصنافه، وساعد في ذلك تركيبة المجتمع الفئوية وتنوع أعراقه إضافة إلى دوافع أخرى مختلفة ليس أقلها العامل الاقتصادي.
وبقيت الظاهرة مستمرة في مختلف مكونات المجتمع سلوكا وممارسة عند بعضهم وإن طغت عليها في مرحلة لاحقة الجوانب المتعلقة بالآثار والمخلفات، وهو ما يعود في جانب كبير منه إلى ضعف الدولة وهشاشة «العقد الاجتماعي الجديد» حيث يطغى الولاء للقبيلة والجهة والأرومة على الولاء للوطن الأم لدى الأفراد في أحيان كثيرة.
وكان أول نص قانوني يصدر بعد الاستقلال حول الرق، هو التعميم رقم 8 بتأريخ 05/12/1969 الذي أصدره وزير العدل الأسبق المعلوم ولد برهام في فترة حكم المرحوم المختار ولد داداه القاضي بضرورة محاربة الممارسات الاسترقاقية ثم صدر الأمر القانوني رقم (234-81) بتأريخ 9 تشرين الثاني/نوفمبر1981 الصادر في عهد الرئيس الأسبق محمد خونه ولد هيداله القاضي بإلغاء الرق برغم أنه لم يصدر مرسوم مطبق له مما جعل تأثيره محدودا في إنهاء ظاهرة الرق، وصدر حديثا القانون رقم (048-2007) في عهد الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله والمتعلق بتجريم الممارسات الاسترقاقية.
وأقرت الجمعية الوطنية الموريتانية يوم الخميس 13 أغسطس/آب 2015 القانون رقم 049/15 الذي يلغي ويحل محل القانون رقم 13/011 الصادر بتأريخ 23 يناير/كانون الثاني 2013 يقضي بمعاقبة جرائم الاسترقاق والتعذيب بوصفها جرائم ضد الإنسانية.
ويتألف هذا القانون من 26 مادة، تنص مادته الثانية على أن «الاستعباد يشكل جريمة ضد الإنسانية غير قابلة للتقادم»، وتبين المادة الثالثة الحالات التي توصف بأنها استعباد، ومعاقبة كل إنتاج أو عمل ثقافي وفني يمجد الاستعباد، بعقوبة ست سنوات سجنا ومصادرة ذلك العمل.
كما فرض القانون غرامات مالية على كل من شتم علنا شخصا ووصفه بأنه عبد، أو ينتسب إلى العبيد، وتصل العقوبة إلى عشر سنوات سجنا نافذا، وتصل الغرامة المالية إلى خمسة ملايين أوقية (نحو 14 ألف دولار)، ونص القانون الجديد على استحداث محاكم متخصصة لمواجهة الرق بقضاة متخصصين، يلزمهم القانون المحافظة على حقوق الضحايا في التعويض، وتنفيذ الأحكام القضائية التي تتضمن تعويضا لضحايا العبودية، من دون انتظار الاستئناف.

القدس العربي