موريتانيا: تمديد الرقابة القضائية على الشيوخ والصحافيين والنقابيين

جمعة, 01/12/2018 - 09:50

لم تشهد قضية الرقابة القضائية المفروضة منذ سبتمبر الماضي في نواكشوط على اثني عشر شيخًا من أعضاء مجلس الشيوخ المنحل وأربعة صحافيين ونقابيين اثنين، أي حل لحد الآن، بل إن القضاء مدد هذه الإجراءات فترة شهرين إضافيين.
وتتهم النيابة العامة هذه المجموعة بتلقي رشاوى من رجل الأعمال المعارض محمد بوعماتو مقابل التصويت ضد التعديلات الدستورية التي استطاع الرئيس محمد ولد عبد العزيز أن يمررها عبر استفتاء شعبي في الخامس من أغسطس الماضي.
وبموجب هذه الإجراءات، فسيكون على الشيوخ والصحافيين والنقابيين المشمولين بملف «بوعماتو وآخرين» أن يواصلوا حضورهم وتوقيعهم كل يوم اثنين عند شرطة الجرائم الاقتصادية، كما أنهم ممنوعون من السفر للخارج لأن جوازاتهم محجوزة عند الشرطة، بل إن سفر أحدهم خارج العاصمة يتطلب إذنا من القاضي.
وكانت المحكمة العليا قد رفضت طلبي استئناف وجههما إليها محامو هذه المجموعة من أجل إلغاء الرقابة القضائية، وأقرت إجراءات الرقابة القضائية المفروضة على المشمولين بهذا الملف الذي تعتبره المعارضة «تصفية لحسابات سياسية مع معارضين».
وهكذا فلن يكون بوسع هذه المجموعة أن تعرف مصيرها قبل أن يقرر القضاء ما إذا كان أفرادها سيحاكمون أو سيجري إخلاء سبيلهم.
وإضافة لإجراءات الرقابة القضائية فإن هذا الملف يشمل كذلك السيناتور محمد ولد غدة المسجون منذ خمسة أشهر.
واتخذ ديوان التحقيق في سبتمبر الماضي سلسلة إجراءات ضد المشمولين بهذه القضية بعد إحالة ملفاتهم للعدالة من شرطة الجرائم الاقتصادية، حيث أصدر قرارا باستمرار سجن السيناتور محمد ولد غدة وكذا سجن الرقيب محمد ولد محمد امبارك الذي نفى بتحريض من المعارض ولد غدة، الرواية الرسمية للرصاصة التي تعرض لها الرئيس في أكتوبر/ تشرين أول عام 2012.
وأصدر الديوان مذكرات توقيف ضد محمد ولد بوعماتو المقيم في بلجيكا حاليا، ومدير أعماله محمد ولد الدباغ الموجود خارج البلاد، فيما وضع تحت رقابة القضاء كلا من عبد الله ولد محمد الأمين العام للنقابة العامة لعمال موريتانيا، والساموري ولد بي الأمين العام للنقابة الحرة لعمال موريتانيا وموسى صمب سي المدير الناشر لصحيفة «لوكوتيديين»، وأحمد ولد الشيخ المدير الناشر لصحيفة «القلم»، وكذا ضد أعضاء مجلس الشيوخ المنحل الذين صوتوا ضد التعديلات الدستورية وهم المعلومة بنت الميداح، محمد الأمين ولد محمد السالك ولد ابنيجاره، سيدي محمد ولد سيدي إبراهيم، ومحمد المصطفى ولد محمد ولد أنبط، والشيخ ولد الدده، ومحمد ولد سيد أحمد، وينجه ولد أحمد شلل، ومحمد المصطفى ولد سيداتي، وفرفورة منت محمد الأمين، وأبه السكر ولد مولاي إدريس، ومحمد سيدنا ولد أبكر، وأحمد محمود ولد الحاج.
وتوضح هذه الإجراءات للرأي العام الموريتاني ما تضمنه البيان الذي سبق للنيابة العامة أن أصدرته حول هذه القضية وأكدت فيه «توصلها لمعلومات موثقة تتعلق بتشكيل منظم يهدف إلى زعزعة السلم العام»، مبرزة أنها «فتحت تحقيقات ابتدائية معمقة وشاملة، تتعلق بالتمالؤ والتخطيط لارتكاب جرائم فساد كبرى عابرة للحدود».
«وفي إطار تلك التحقيقات، تضيف النيابة، تم حتى الآن توقيف المشتبه به محمد ولد أحمد ولد غدة، طبقا لأحكام وترتيبات القوانين المعمول بها، وأتيح له اللقاء مع محاميه ضمانا لحقوق الدفاع».
وأضافت: «وكان المشتبه به نفسه قد تم توقيفه رفقة مشتبه به آخر بناء على شكوى تقدم بها ضابط في الجيش، تتعلق باختلاق وقائع وتصريحات كاذبة».
«والنيابة العامة، يضيف البيان، وهي تعلن للرأي العام فتح هذه التحقيقات الشاملة في جرائم خطيرة أخذت مسالك غير تقليدية، وغير مسبوقة في تأريخ البلد، تؤكد أن ظروف توقيف كل من تشملهم هذه التحقيقات ستكون كما كانت دائما خاضعة لمقتضيات الشرعية التي تكفلها مقتضيات القوانين وتراقبها السلطة القضائية، وستطلع النيابة العامة وفق ما تسمح به الاجراءات القانونية الرأي العام على المعطيات الأساسية التي ستتكشف عن هذه الوقائع وغيرها».
وسيكون هذا التجاذب بين نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز ومعارضيه من الشيوخ والسياسيين الآخرين، شاغلا وطنيا للجميع طوال السنتين اللتين تفصلان عن الانتخابات الرئاسية عام 2019 التي يفترض أن ينتخب فيها رئيس آخر غير الرئيس الحالي ضمن اقتراع غير مجمع حتى الآن على آلياته وأدواته، وهو ما قد يدخل البلد، حسب مراقبين محللين، في حالة غير مسبوقة من عدم الاستقرار.