فرضت البرازيل نفسها منجمًا للمواهب الكروية على مدار تاريخ كرة القدم، وأنجبت للعبة عدة أساطير وسحرة أمتعوا الجماهير على مدار عقود طويلة مثل روماريو، ريفالدو، رونالدينيو، بيبيتو، رونالدو، وقديما زيكو وسقراطس، وجيرسون، وريفيلينو وجيرزينيو وتوستاو وكارلوس ألبرتو.
إلا أن بيليه كان حالة خاصة بين كل هذه الأسماء، حيث اختاره الفيفا اللاعب الأفضل في القرن العشرين بفضل الإنجازات العديدة التي حققها، وقيادته منتخب السامبا إلى قمة الكرة العالمية.
وفي النسخة المقبلة من كأس العالم، تعول جماهير البرازيل على نجمها نيمار جونيور (26 عامًا) في حصد الكأس السادسة، خاصة بعدما بات من أفضل 3 لاعبين على مستوى العالم برفقة ميسي وكريستيانو رونالدو، ويعد أبرز اكتشافات كرة السامبا في القرن 21.
ويتناول في سلسلة تقارير (زمان والآن) مقارنة بين مسيرة نجوم المنتخبات المشاركة في مونديال روسيا 2018، مع عمالقة صنعوا المجد مع بلادهم في عصور أخرى.
جذور مشتركة
انحدر الثنائي نيمار وبيليه من أبوين كانا لاعبين سابقين، وكلاهما بدأ مشواره مع كرة القدم بقميص سانتوس في سن صغيرة تتراوح بين 15 إلى 17 عامًا، وقادا فريقهما لحصد الألقاب المحلية المختلفة وكوبا ليبرتادوريس بواقع مرتين لبيليه عامي 1962 و1963، ومرة لنيمار عام 2011، بخلاف التتويج بالمزيد من الألقاب الفردية على المستوى المحلي والقاري بأمريكا الجنوبية.
هاتريك مختلف
يعد بيليه الهداف التاريخي لراقصي السامبا بتسجيل 77 هدفًا في 92 مباراة، مقابل 53 هدفًا لنيمار في 83 مباراة دولية، يحتل بها المركز الرابع.
إلا أن الثنائي حقق ثلاثية مختلفة في مسيرته الدولية، حيث ساهم بيليه في تتويج بلاده بلقب كأس العالم 3 مرات متتالية في 1958 و1962 و1970، حيث سجل 12 هدفًا في 14 مباراة بأربع نسخ متتالية، وكان أصغر لاعب يشارك في المونديال بنسخة السويد 1958، وأصغر من يسجل هاتريك في النسخة ذاتها ببلوغه 17 عامًا.
أما نيمار فشارك في نسخة وحيدة، التي استضافتها بلاده في 2014، وحرمته إصابة قوية في العمود الفقري من استكمال مشواره، قبل أن يسقط البرازيليون بخسارة تاريخية أمام الألمان بنتيجة (1-7) في الدور نصف النهائي، إلا أن نيمار سجل 4 أهداف في شباك كرواتيا والكاميرون من إجمالي 5 مباريات شارك بها في البطولة.
كما أهدى نجم باريس سان جيرمان بلاده 3 إنجازات كروية مختلفة عن ثلاثية بيليه، وهي كأس أمريكا الجنوبية للشباب عام 2011، وكأس القارات 2013، وذهبية الأولمبياد لأول مرة في تاريخ البرازيل في نسخة (ريو دي جانيرو 2016).
كنز قومي
انضم نيمار إلى برشلونة قادمًا من سانتوس، حينما كان لاعبًا شابًا عمره 21 سنة، ثم بات أغلى الجواهر في تاريخ كرة القدم، بانتقاله إلى النادي الباريسي مقابل 222 مليون يورو.
ولكن بيليه لم يجد الطريق ممهدًا للاحتراف، فلم يغادر (الجوهرة السوداء) بلاده، إلا في أيامه الأخيرة، حيث خاض تجربة احترافية قصيرة مع فريق نيويورك كوزموس، وأحدث نقلة تاريخية للدوري الأمريكي رغم الاعتزال هناك ببلوغه 37 عامًا.
واعتبر الرئيس البرازيلي الأسبق جانو كوادروس، اللاعب الشاب بيليه كنزًا قوميًا لا يقدر بثمن، وأغلق الباب أمام احترافه بعد التألق في مونديال 1962، ليفوت الفرصة على أندية كبيرة مثل ريال مدريد ومانشستر يونايتد ويوفنتوس للفوز بخدماته.
أسطورة بالصدفة
منح بيليه للرقم 10 رونقًا مختلفًا، وبات علامة مميزة لنجوم الكرة على مر العصور، ويتهافت على ارتدائه الكثيرون، وينتظره آخرون لخلافة نجم كبير، ويحلم به الصغار في بداية مسيرتهم، ويزين قمصان الأطفال في ممارسة الكرة بالشوارع والمدارس.
إلا أن بيليه ارتدى هذا القميص الأسطوري لأول مرة بمحض الصدفة في مونديال 1958، نتيجة خطأ إداري من الاتحاد البرازيلي لكرة القدم بعدم إرسال أرقام لاعبيه، ليقوم الاتحاد الدولي (فيفا) بمنح أرقام القمصان للاعبي السامبا، ووقع الرقم 10 من نصيب بيليه.