أثارت تصريحات أدلى بها أمس ميتسوهيرو فوروساوا نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي وأكد فيها أن دين موريتانيا مرتفع إلى حد كبير نسبةً إلى حجم اقتصادها، أثارت هذه التصريحات جدلا كبيرا على منصات التواصل.
وأكد فوروساوا الذي يزور موريتانيا حاليا، في مقابلة مع وكالة «الأخبار» المستقلة «أن المؤشرات تؤكد بلوغ الدين العام الموريتاني لنسبة 73% من إجمالي الناتج المحلي في نهاية 2017 (دون احتساب متأخرات الدين تجاه الكويت)، مما يضع موريتانيا، حسب قوله، أمام خطر كبير يهدد بوصولها إلى مستوى المديونية الحرجة عند تطبيق المعايير الدولية لاستدامة الدين».
«ولحسن الحظ، يضيف فوروساوا، هناك نسبة كبيرة من هذا الدين بشروط ميسرة أو شبه ميسرة، وبالتالي لا تزال أعباؤها في حدود يمكن التعامل معها، ولكن على السلطات أن تحرص على بقاء القروض الجديدة في حدود ضيقة، واستخدامها في مشروعات مقنعة، مع الاقتراض بشروط ميسرة».
وتزامنت تصريحات ميتسوهيرو فوروساوا، مع تدوينة للقيادي المعارض محمد ولد العابد وزير الاقتصاد السابق أكد فيها «أن حكومة الرئيس محمد ولد عبد العزيز استدانت ما يقارب مليار دولار خلال سنة 2017 المنصرمة، وهو ما يعادل، حسب قوله، ميزانية الدولة لسنة كاملة».
وقال «هذه الديون انضافت للديون السابقة لهذه الحكومة وستوضع كلفة سدادها في رقبة كل مولود وكل فقير موريتاني يكافح ليجد قوت يومه».
وأضاف: «النتيجة المباشرة لهذه المديونيات هي زيادة الأسعار، وضعف العملة الوطنية، وزيادة البطالة وزيادة الفقر وتدهور الصحة وفساد التعليم».
وسارع المختار ولد أجاي وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني للرد على هجمة مدوني المعارضة الذين اعتبروا أن فوروساوا نائب مدير صندوق النقد الدولي قد كشف عن المستور من سياسات الحكومة.
وأكد ولد اجاي «منذ يوم أمس يحاول البعض إيهام الرأي العام بأن فوروساوا نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي كشف مستورا وقطع الشكً باليقين فيما يخص مديونية البلد وأن الأمر خطير، ويحاول أيضا الايحاء بأن الحكومة كانت تعطي معلومات مغايرة».
وأضاف «نقل عن فوروساوا قوله إن دين موريتانيا مرتفع إلى حد كبير نسبةً إلى حجم اقتصادها»، معتبرا «أن ذلك يضع موريتانيا أمام خطر كبير يهدد بوصولها إلى مستوى المديونية الحرجة عند تطبيق المعايير الدولية لاستدامة الدين، وقال أيضا إن التقديرات تشير «إلى بلوغ الدين العام حوالي 73% من إجمالي الناتج المحلي في نهاية 2017 (دون احتساب متأخرات الدين تجاه الكويت)».
وأكد الوزير أجاي «أن عهد حجب المعلومات عن المواطن وتزوير الأرقام والتلاعب بها قد ولى إلى غير رجعة، فمنهجية هذه الحكومة هي المكاشفة والمصارحة والشفافية مع الرأي العام وفِي كل القضايا، وفيما يخص مديونية البلد. وقال «ديون البلاد ديونً ميسرة وهو ما أكده فوروساوا أيضا في مقابلته يوم أمس، فجميع القروض التي أخذت في عهد هذا النظام أنفقت في مشاريع وبنى تحتية ملموسة وباقية للشعب الموريتاني، ولم تنفق من أجل الدراسات، والتكوينات، والدعم المؤسسي، واقتناء السيارات وتأثيث المكاتب كما كان يحدث سابقا، فهذه البنى التحتية هي التي ستسمح ببناء اقتصاد قادر على حل مشاكل البلد، اقتصاد يخلق الثروة ويخلق فرص العمل ويوفر الموارد المالية الضرورية لتوفير الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وماء وكهرباء للمواطنين».
وقال «أذكر الجميع أنه في سنة 2000 كانت مديونيتنا تمثل 217.8% من الناتج المحلي الإجمالي قبل أن يتم شطب جزئها الأكبر في إطار مبادرة عالمية استفادت منها الدول الأكثر فقرا ودينا في تلك المرحلة، وبعد ذلك الشطب ارتفعت لتصل الي 96,1% سنة 2007؛ وارتفاع نسبة الدين الى الناتج الداخلي الخام راجع في جزء منه إلى أن قياس ناتجنا الداخلي الخام لا يأخذ بما فيه الكفاية مساهمة القطاع غير المصنف، وبالاعتماد على نسبة قياس أخرى هي نسبة خدمة الدين السنوية إلى نفقات الميزانية نجد انها في حدود 15% في حين تتراوح بين 18% و 22% في غالبية دول المنطقة، فهذه النسبة هي التي تعبر بشكل أدق عن قدرة البلد على تسديد ديونه».
وأوضح البيان «أن انهيار أسعار خامات الحديد ما بين 2014 و2015 قد أدى لخفض صادرات البلد بالنصف، الأمر الذي أدى لعجز مالي ولاستنزاف الاحتياطات، كما عرض البنوك للهشاشة».
وحسب صندوق النقد فإن الجهود التي بذلتها الحكومة الموريتانية قد مكنت من الحد من تأثير الاختلالات الخارجية ومن السيطرة على استقرار الاقتصاد الكلي: فقد انخفض عجز الحساب الجاري بـ 15% كما أن التضخم قد احتفظ به في حدود 1.5% خلال عام 2016.
وشجع الصندوق السلطات الموريتانية على انتهاج سياسات حذرة، وعلى إنجاز إصلاحات هيكلية بطريقة مدعومة، مؤكدا «أن الأولوية هي ضمان أكبر حرية للصرف لتقوية التنافس ولتحسين الوضع الخارجي وامتصاص الصدمات ولتمكين السياسة النقدية من تسيير أفضل للسيولة المصرفية ومن مسايرة النمو الاقتصادي».
القدس العربي