الحسين ولد محنض/ أما آن الأوان لكي نعترف بمشكلتنا الحقيقية ونبحث لها عن حل؟!

خميس, 03/15/2018 - 15:14

بدل الانتقادات المجتزأة للحزب الحاكم: أما آن الأوان لكي نعترف بمشكلتنا الحقيقية ونبحث لها عن حل؟!

ينتقد البعض هذه الأيام الاستغلال الواضح للحزب الحاكم للقبائل في حملته الجارية. والواقع الذي لا يريد أحد في هذا البلد أن يعترف به هو أننا لسنا في دولة بمفهومها الحقيقي الذي يرتكز على الديمقراطية وسيادة القانون ومبدأ المواطنة حتى يكون انتقادنا لهذا الاستغلال واردا.. نحن في كونفدرالية قبلية وعرقية واسعة تحمل شعار دولة مواطنة، ولَم نعبر بعد إلى دولة المواطنة..
هذه الكونفدرالية القبلية يتعاقب على الحكم فيها منذ أربعين سنة أشخاص ذوو خلفيات عسكرية، ويتقاسمون السلطة فيها والنفوذ والثروة والمناصب مع القبائل التي هي المعبر الحقيقي عن الضمير الجمعي المتحكم في السلطة والثروة في هذه البلاد، مع التفاوت في مقدار استفادة كل قبيلة منهما بحسب الزمن والظروف، بينما كانت تعبر عن الضمير الجمعي الساخط على السلطة أو المعارض لها شظايا قبلية - إذ نادرا ما تعارض قبيلة كاملة- قبل أن يستيقظ الشعور العرقي مع تطور السنين على هذه الوضعية مدفوعا بإحساس حقيقي أو مفترض بالغبن لدى الأعراق التي لا تحظى بما تعتبره تمثيلا متناسبا على مستوى السلطة والثروة مع قوتها الديمغرافية والاجتماعية، ويأخذ هذا الشعور في التنامي والتمدد حتى صار مرئيا وملموسا..
ولا مناص للبلاد من الاتجاه في المستقبل القريب إلى أن تصبح المواجهة السياسية في البلد منحصرة بين الطرفين : القبائل من جهة والأعراق من جهة ثانية.. أما الأحزاب السياسية فقد بدأت تتلاشى كتعبير حقيقي عن الضمير الجمعي للمواطنين، رغم نضالها المستميت وغير المسبوق طيلة الثلاثين سنة الماضية لفرض ديمقراطية حقيقية قائمة على مطالب سياسية ترتكز على مبدأ التناوب ومبدأ المواطنة دون جدوى، وستتحول هذه الأحزاب إلى وعاء للتعبير عن التناقضات القبلية والعرقية ومطالب كل طرف وصراعاتهما بصورة سلمية عبر الآليات الديمقراطية في أحسن الأحوال على المناصب الانتخابية والوظائف والثروة، وبصورة غير سلمية عبر النزاعات الأهلية أو المسلحة في أسوإها لا قدر الله.
إنها حصيلة أربعين سنة من السير في هذا الاتجاه، ولا يلوح في الأفق أننا قد وعينا بخطورته التي أصبحت داهمة أكثر من أي وقت مضى على كيان بلدنا، ولا أننا بصدد تغييره. وانتقاد الحزب الحاكم الْيَوْمَ على حراكه الحالي دون التنبه إلى ما يكتنف الأمر من أسباب وتداعيات تعبير مجتزأ لهذه المشكلة الصامتة الخطيرة التي لا حل لها إلا إقامة دولة قانون يتساوى فيها الجميع على أساس مبدأ المواطنة، والديمقراطية الحقيقية في أسرع وقت قبل فوات الأوان !!!.