جدّد أعضاء مجلس الشيوخ المنحل حسب استفتاء الخامس من آب / أغسطس 2017، أمس في حفلة إحياء لذكرى إسقاطهم قبل سنة من الآن للتعديلات الدستورية، تمسكهم بمجلسهم ورفضهم لإلغائه واستمرارهم في النضال السلمي حتى تتحقق مطالبهم المتمثلة في التراجع عن تعديلات الدستور التي حل بموجبها مجلس الشيوخ وتغير بموجبها، العلم والنشيد الوطنيان.
وأكد الدكتور الشيخ ولد حننه رئيس مجلس الشيوخ (المنحل)، في كلمة له في حفل سياسي حضره العشرات من المعارضين والإعلاميين والمدوّنين «أن عرض الحكومة تعديلاتها للدستور على مجلس الشيوخ قبل حله، قرار سليم مطابق للدستور غير أن ما قامت به السلطات بعد ذلك، إجراءات منافية كلها، للدستور وللقانون»، حسب قوله.
وقال: «في مثل هذا اليوم من السنة الماضية قررت غالبية في مجلس الشيوخ، التصويت ضد تعديلات الدستور التي اقترحها الرئيس وذلك بقناعة حقيقية لدى هذه الغالبية».
وأوضح ولد حننه «أن غالبية الشيوخ الذين صوتوا ضد التعديلات يرون بأن هذه التعديلات قد ينجر عنها إذا تم تمريرها ما هو أخطر، وما هو مضر بالبلد».
وأضاف «لقد اتفقنا بعد نقاشات طويلة، على أنه يجب رفض التعديلات المقترحة وهو ما تم بالفعل، وكان اعتقادنا أن النظام سوف يخضع للمسطرة الدستورية وينتهي الأمر عند هذا الحد، لكن النظام واصل للأسف، تعنته، وأثبت أنه لا يؤمن بالديموقراطية ولا بالمؤسسات ولا يؤمن بشيء على الإطلاق، بل يعتقد بأنه لا يمكن لأحد أن يقف في وجه ما يريده لذا واصل مع الأسف الشديد هروبه للأمام، ودوسه للمؤسسات وللديموقراطية».
وقال: «ما فعله النظام هو الذي جعلنا نحن الشيوخ، نواصل ما بدأناه بتصويتنا ضد التعديلات».
وفي كلمة تضامنية مع الشيوخ، أكد محمد ولد مولود الرئيس الدوري لمنتدى المعارضة» أنه بفضل قرار الشيوخ الشجاع وقرارهم الثوري، ظهر أن في موريتانيا رجالاً ونساء غيورون على المصلحة الوطنية».
وأضاف «أن موقف الشيوخ موقف وطني سيكتبه التاريخ بأحرف من ذهب، وسيخلده التاريخ الديموقراطي الموريتاني كذلك».
وأكد ولد مولود «أن المعارضة الديموقراطية الموريتانية ستبقى للأبد شاهدة على هذا الموقف، معترفة للشيوخ بالجميل على موقفهم الرافض يوم 17 آذار / مارس 2017 للتعديلات غير الدستورية».
وأعربت فاطمة خطري القيادية المعارضة في حزب «عادل»، عن «أملها في أن يواصل الشيوخ خطتهم وأن يدققوها لتكون قابلة للتنفيذ وتعطي النتائج المرجوة منها وهي إسقاط التعديلات التي فرضها النظام عبر استفتاء الخامس من آب/ أغسطس 2017».
وأعلن محمد محمود لمات نائب رئيس حزب تكتل الديموقراطية المعارض «أن حزبه يرفض التعديلات اللادستورية، حسب قوله، التي أقدم عليها نظام محمد ولد عبد العزيز».
وقال «إن حزب التكتل متشبث بمجلس الشيوخ برئاسة الشيخ ولد حننه، ومتشبث بعلم الاستقلال وبنشيد الاستقلال، وهو رافض بصورة كلية لما تقوم به الحكومة وما يقوم به محمد ولد عبد العزيز في ما يتعلق بتغيير الثوابت الوطنية».
وكان مكتب مجلس الشيوخ المنحل بموجب استفتاء الخامس من أغسطس/آب الماضي قد دعا في بيان نشره بعد الإعلان عن نتائج الاستفتاء «الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى التعقل والتراجع عما سمّاه المكتب «الدوس على الدستور»، وإلى احترام رأي الشعب واحترام المؤسسات».
ودعا المكتب «رئيس الجمعية الوطنية محمد ولد أبيليل لتحمل المسؤولية بعدم التمادي في سن القوانين بشكل يخالف مقتضيات الدستور».
وأكد «أنه تدارس الأوضاع الخطيرة التي تعيشها موريتانيا بعد انقلاب الخامس من آب/ أغسطس 2017»، مجددا في بيانه «تمسكه بالشرعية وبدولة المؤسسات واستمراره في أداء مهامه التي انتخب من أجلها واستعداده للدفاع عن المكتسبات الديمقراطية بكل السبل».
وحذر المكتب في بيانه مما سمّاه «مغبة الاستمرار في خرق القانون والعبث بالدستور».
ودعا المجلس المنحل «كافة الأحزاب وجميع القوى الحية في البلاد الى الوقوف في وجه الانقلاب الذي يهدد سلامة ووحدة الوطن»، حسب تعبير المجلس.
ويأتي هذا البيان فيما استكملت السلطات تعميمها لتطبيق التعديلات الدستورية التي أسفر عنها استفتاء الخامس من أغسطس/آب الماضي بما في ذلك تلحين وإقرار النشيد الجديد وتعميم رفع العلم الجديد.
وكان السيناتور (السابق حسب رأي الحكومة) الشيخ ولد حننه الذي انتخبه الشيوخ المتمردون رئيسا لمجلس الشيوخ المنحل، قد دعا «الشعب الموريتاني لمؤازرة مقاومة الشيوخ، لما سمّاه «الانقلاب على الشرعية الذي كرسه استفتاء الخامس من أغسطس/آب المخالف للدستور»، حسب قوله.
وأوضح في تصريحات للصحافة «أن المجلس الذي يرأسه (ألغي في الاستفتاء الشعبي الأخير)، هو الغرفة البرلمانية الوحيدة ذات الشرعية لأن جميع ما اتخذته الحكومة من إجراءات لإلغائه، خارج عن الدستور ولا يكتسي أية شرعية».
وقال «افتتحنا الأسبوع الماضي دورتنا وانتخبنا مكتباً للمجلس ونحن نواصل مهمتنا التي انتخبنا من أجلها والتي ستقتصر حاليا على الرقابة لأن الحكومة منعتنا من دخول مقر المجلس، كما أنها ألغت ضمن انقلابها على الدستور، غرفتنا».
وكان الشيوخ قد رفضوا في آذار/ مارس من العام الماضي، إجازة التعديلات الدستورية التي اقترحتها الحكومة ضمن نتائج الحوار بين النظام وأطراف من معارضة الوسط، وهو ما اضطر الحكومة لعرضها على استفتاء دعا إليه الرئيس الموريتاني اعتماداً على المادة 38 من الدستور وقاطعته المعارضة المتشددة.
وهم يؤكدون «أنهم وحدهم من يمثلون الشرعية وذلك باعتبار أنهم لا يعترفون بنتائج استفتاء الخامس من آب / أغسطس الماضي».
ويرى الشيوخ المتمردون «أن شرعية المجلس تتعلق بأعضائه لا ببنايته التي أغلقتها الحكومة بالقوة، ولذا فإن اجتماعاتهم تعتبر شرعية سواء تمت في العراء أو في الداخل أو في أي مكان آخر، فهم يعتقدون أنهم يجسدون الشرعية وأنهم يضمنون استمرارية الدولة ومؤسساتها».
ولا يستفيد هؤلاء الشيوخ من رواتبهم التي قطعتها الحكومة، كما أنهم لا يملكون أية سلطات لكنهم انتخبوا مكتب مجلسهم وانتخبوا الشيخ ولد حننه رئيساً لغرفتهم.
وأكد ولد حننه بعد انتخابه «أن أعضاء المجلس المتمسكين بالشرعية، سيواصلون مهمتهم التي انتخبوا من أجل أدائها». وقال «ندعو السلطات للعودة للصواب وأن تترك مؤسسات الدولة تواصل عملها من دون مضايقة».
ويخضع إثنا عشر شيخاً من الشيوخ الخمسة والثلاثين الذين صوتوا ضد تعديل الدستور، حاليا للرقابة القضائية ويوجد واحد منهم هو السيناتور محمد ولد غده، قيد الاعتقال منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وذلك كله ضمن ملف قضائي تتهمهم فيه النيابة بتلقي رشاوي من رجل الأعمال الموريتاني المعارض محمد ولد بوعماتو المقيم في بلجيكا والذي صدرت بحقه وحق مدير أعماله محمد الدباغ، مذكرتا اعتقال دوليتان.
نواكشوط – «القدس العربي