أثار الإعلان أمس عن تعرض موقع متقدم مؤقت من كتيبة حفظ السلام الموريتانية في قرية تابارا في جمهورية وسط إفريقيا على أيدي ميليشيات «أنتبلاكا» المتطرفة، جدلا بين المدونين الذين اعتبر بعضهم أن إرسال جنود موريتانيين لدولة منهكة بالحرب الأهلية، مخاطرة كبيرة.
وأعلنت قيادة الأركان الموريتانية أمس «عن تعرض الكتيبة الموريتانية المذكورة لهجوم تواصل عدة ساعات وأسفر عن استشهاد عسكري وإصابة 11 آخرين بجروح خفيفة ومتوسطة، مع القضاء على 33 مهاجما».
وأكدت في بيان عن الحادث «أن هذا الهجوم جاء على إثر إيواء الوحدة لمجموعة من اللاجئين المدنيين الفارين من ملاحقات ميليشيات أنتبلاكا».
وكان الدكتور الجامعي الشيخ معاذ أول من عبر عن اعتراضه على إرسال الكتيبة الموريتانية إلى وسط إفريقيا حيث تساءل في تدوينة له تابعها الكثيرون، قائلاً: «ما الفائدة التي جنتها موريتانيا أو ستجنيها من إرسال جنودها إلى مناطق التوتر والموت مثل وسط افريقيا؟، وما هي الفائدة الخفية أو الظاهرة من تقديم أبناء الوطن لأرواحهم دفاعا عن أمن بلد آخر؟».
وأضاف «قرأت لأحدهم ما معناه أن الجنود الشباب يتنافسون على الظفر بشرف المشاركة في تلك الفيالق، وأنهم يستخدمون الوساطات لأجل ذلك، مهما يكن، ليس هذا مبررا للقبول أصلا بإرسال شبابنا إلى الموت في أدغال افريقيا، صدقاً: ما الذي جنته موريتانيا من هذه المشاركة؟، وهل تحت الطاولة مستور؟»، يتساءل المدون.
وعلق المدون البارز حميد محمد على موت الجندي الموريتاني في وسط إفريقيا قائلاً: «الوضع في إفريقيا الوسطى أصبح معقدا ومخيفا، والميليشيات المسيحية أصبحت تستهدف الكتيبة الموريتانية أولا، لأنهم من دولة إسلامية وثانيا لأنهم قتلوا الكثير من أفرادها، والمسألة أصبح فيها ثأر شخصي، ولن يتوقفوا قبل ارتكاب مجزرة ضدهم».
وكتبت عائشة ماجد هي الأخرى محتجة بقولها «جنودنا يتم إرسالهم مقابل حفنة من الأورو يضعها (…) وزمرته في جيوبهم لتذهب أدراج الرياح، الله المستعان».
ودافع الأستاذ عثمان دادي عن إرسال جنود موريتانيا إلى نقاط الحروب الإفريقية، وأضاف «موريتانيا دولة كباقي الدول عليها مسؤولية حفظ السلم والأمن العالميين، هذا بغض النظر عما سيكتسبه جنودنا البواسل من خبرات في مجال تخصصهم، ووبعد ذلك الرجال خلقوا لكي يموتوا».
وعلق المدون عبد الله سيدي على الموضوع قائلاً: «ربما فيديوهات القتل والحرق لإخواننا في وسط إفريقيا هي ما يجعل الجميع يرى أنه لا مانع من التضحية لحمايتهم وصيانة إنسانيتهم، كما أن مشاركة كهذه تحت مظلة الأمم المتحدة أو ضمن القبعات الزرق تكسب الجيش خبرات هائلة في مجال حفظ السلام والتعامل مع العناصر الإرهابية في المناطق المتوترة والخطرة».
وكان العقيد ولد سيد أحمد آمر كتيبة حفظ السلام الموريتانية في جمهورية وسط إفريقيا، قد دافع في تصريحات أخيرة له عن مشاركة الجيش الموريتاني في هذه المهام الدولية، مؤكداً «أن قرار موريتانيا الانخراط في جهود المجتمع الدولي لإقرار السلم والأمن في إفريقيا، خطوة تعكس مستوى متقدما من الوعي بضرورة المساهمة في صناعة السلام وخلق البيئة المناسبة للتنمية الاقتصادية والبشرية، ووضع حد للنزاعات التي شكلت عائقا حقيقيا أمام محاولات النهوض والتقدم على مستوى القارة الإفريقية».
وأضاف «أن مهمة الكتيبة الموريتانية هي المشاركة في حماية السكان المدنيين وموظفي الأمم المتحدة ومنشآتها، وهي مسؤولية كبيرة متعددة الأبعاد وتشكل قيمة مضافة إلى خبرة الجيش الوطني على مستويين اثنين هما المستوى العسكري وذلك عبر الاحتكاك بأفراد الجيوش الأخرى المشاركة، والمستوى الدبلوماسي حيث أصبح حضور الجيش الوطني ومشاركته في مهام حفظ السلام تحت راية الأمم المتحدة ظهيراً للدبلوماسية الوطنية وتجسيداً للثقة التي أصبحت موريتانيا تحظى بها لدى الشركاء الإقليميين والدوليين».
القدس العربي