تنشغل الساحة السياسية الموريتانية منذ أمس بمتابعة إجراءات مضايقة يواصلها الأمن السنغالي حالياً تمهيداً لاعتقال وتسليم فرقة «أولاد لبلاد» الفنية الموريتانية المعارضة لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز والتي يقيم أعضاؤها منذ سنتين لاجئين سياسيين في داكار.
واستجوب الأمن السنغالي لساعات أمس الأول رئيس الفرقة مغني «الهيب هوب» إسحاق ولد علي، كما قام بتفتيش سكن أعضاء الفرقة بحي «كرغورغي» وسط العاصمة السنغالية داكار.
وتبحث السلطات الأمنية السنغالية عن أعضاء الفرقة الذين هربوا واختفوا عن الأنظار بعد أن سمعوا باعتقال رئيسهم وتفتيش سكنهم.
وحسب صحيفة «لاس» السنغالية المستقلة «فإن ما يعد له الأمن السنغالي بخصوص اعتقال وتسليم أعضاء الفرقة الفنية المعارضة جاء رضوخا من حكومة داكار لضغوط من حكومة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الذي تزعجه أغاني «الراب» (rhyming أو spitting) المركزة على انتقاد سياساته والتي تلقى رواجاً كبيراً بين الشباب.
وأكد قريشي با محامي الفرقة في توضيحات للصحافة أمس «أنه يتشكك في أن تتجرأ سلطات داكار على تسليم فرقة «أولاد لبلاد» لحكومة نواكشوط على غرار تسليمها للمواطن الفرانكو- بنيني كيبي ساما لفرنسا بعد توجيهه انتقادات لها.
وقلّل مصدر أمني سنغالي من أهمية الإجراءات المتخذة ضد الفرقة الموريتانية، مؤكداً «أنها مجرد تحقيقات عادية في نظامية إقامة أعضاء الفرقة على الأراضي السنغالية».
لكن محامي الفرقة أكد «أن الإجراءات المتخذة ضد موكليه خطيرة، وأنه أمر أعضاء الفرقة بالتوجه إلى مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لتجديد بطاقات لجوئهم».
وتساءل المحامي عما إذا كانت «السلطات السنغالية الملتزمة، على ما يبدو، للسلطات في نواكشوط باتخاذ إجراء ما ضد أعضاء الفرقة، ستنتهز عدم نظامية إقامة موكليه، لترحيلهم إلى موريتانيا».
وأكد المحامي قريشي با «أن فريقا من الرماة سبق أن حاول عام 2016 اغتيال أعضاء الفرقة».
وأعرب المحامي عن تخوفه «من إلحاق ضرر التسليم بموكليه من أعضاء الفرقة حيث أن مفوضية شؤون اللاجئين لا تمكنها حمايتهم بل إن الأمن قد يعتقلهم عند بوابتها الأمامية كما فعلت مع الناشط كيبي سيبا الذي سلم لفرنسا».
وأشار إلى «أن الرئيس الموريتاني حاول مرات عدة التصالح مع أعضاء الفرقة لكنهم رفضوا ذلك».
وشدد المحامي با التأكيد على أنه لن «يقبل أبدا بتسليم موكليه لسلطات نواكشوط لأنهم سيواجهون التعذيب والتنكيل»، حسب قوله.
يذكر أن فرقة «أولاد لبلاد» قد لجأت للسنغال عام 2015 بعد أن اعتقل حمادة ولد سيدي وهو أحد عناصرها، بتهمة تعاطي المخدرات واغتصاب فتاة صغيرة، وهي تهم أكدت الفرقة بأنها تهم مزورة وملفقة من طرف أحد أبناء الرئيس الموريتاني الذي وجّه لهم تهديدات بالانتقام قبل ذلك.
ويتخوف أعضاء فرقة «أولاد لبلاد» ومحاميهم من أن يكون الرئيس الموريتاني يشترط أن تسلمهم السنغال للسلطات الموريتانية قبل التوقيع على اتفاق الصيد الذي تنتظره حكومة داكار بفارغ صبر والذي أجل توقيعه بطلب من الجانب الموريتاني.
وتأسست فرقة أولاد لبلاد الشبابية لموسيقى الهيب هوب سنة 2000، ووضعت أمامها تحقيق أهداف بينها تغيير العقليات التي لم تعد تصلح لروح العصر، وحثت الشباب على الإبداع من أجل موريتانيا جديدة منفتحة على كل الأفكار، وحرة من جميع القيود.
وبعد أن تمكنت الفرقة من إسماع صوتها الشبابي التحرري داخل الوطن، أعلنت مؤخراً أنها بصدد حمل هذا الصوت إلى الخارج عبر تمثيل موريتانيا في المنتديات الموسيقية العالمية.
وكانت الفرقة قد تعرضت لمضايقات من طرف المصالح الأمنية الموريتانية بعد أغنيتها الشهيرة «كيم» التي تعني «إرحل» باللهجة المحلية
القدس العربي