الحكومة تنفي والزنوج يطالبون بفحص الحمض النووي
طالبت منظمات حقوقية وسياسية يديرها زنوج موريتانيون أمس بتسليط الضوء على المقبرة الجماعية التي اكتشفها مؤخراً منقبون عن الذهب بناحية شوم شمال البلاد وأطلعوا عليها دورية من الدرك الوطني.
وضمت المقبرة هياكل عظمية لخمسة عشر شخصا بينهم تسعة مقيدة أيديهم وراء ظهورهم حسب المعلومات التي تداولتها الرابطة الموريتانية لحقوق الإنسان وحركة «لا تلمس جنسيتي» ورابطة أرامل وأيتام التصفية العرقية.
ونفى محمد الأمين الشيخ وزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية ما سمّاه «إشاعات حول وجود مقابر جماعية في ضواحي مدينة شوم».
وأوضح في تكذيب نشرته الوكالة الرسمية أنه «لا وجود لأية مقابر جماعية ولا علم لنا باكتشافها لا في مدينة شوم ولا في غيرها».
ودعت الرابطة الموريتانية لحقوق الإنسان «الحكومة لفتح تحقيق محايد وشفاف حول مقبرة شوم حتى تتضح للجميع حقيقة هذه الجزرة البشعة».
وأكدت فاتماتا أمباي رئيسة الرابطة «أن السلطات الموريتانية فضلت، مع الأسف، الصمت إزاء هذه المقبرة الجماعية التي عاينتها فرقة من الدرك الوطني، بينما أشيع أن عينات من العظام المكتشفة أرسلت لمخابر خارجية للكشف عن الحمض النووي للموتى».
وأوضحت أن المعلومات التي توصلت إليها «تؤكد أن موتى المقبرة مقتولون بطلقات نارية على الرؤوس».
وأشارت أمباي «إلى أن كافة القرائن تدل على أن أموات المقبرة المكتشفة هم من العسكريين والمدنيين الزنوج الذين تمت تصفيتهم في أحداث 1989 و1993 العرقية في ظل حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع». وطالبت الرابطة الموريتانية لحقوق الإنسان «الحكومة بأن تنشط اللجنة الوطنية للتحقيق في المقابر التي شكلت قبل سنوات لتتولى الكشف عن المدافن السرية والتعرف على الضحايا المقبورين فيها».
وانتقدت منظمة «لا تلمس جنسيتي» التي يديرها زنوج موريتانيون «تكذيب الناطق الرسمي الحكومي لوجود مقابر جماعية».
وأكدت في بيان نشرته حول هذه القضية «أن العظام المكتشفة هي من بقايا مئات العسكريين الزنوج الذين تمت تصفيتهم في مراكز الموت خلال عهد ولد الطايع الذي شهد مجزرة لمجموعة السود الأفارقة ما ين 1986 و1992».
وانتقدت المنظمة «صمت الأحزاب السياسية التي تدعي التقدمية إزاء هذه المقبرة التي تذكر، حسب تأكيدات المنظمة، بما تعرض له الزنوج الموريتانيون في الماضي من ظلم يتواصل إلى اليوم عبر إقصائهم من التقييد في السجل المدني البيومتري».
وأكدت «أن المصالحة الوطنية في موريتانيا تستلزم إلغاء قانون العفو لعام 1993 الذي يحمي المتورطين في تصفية السود الموريتانيين»، مطالبة «الحكومة بتسليط الضوء بشكل شامل ونهائي على هذه الصفحات السوداء من التاريخ الوطني وإلى معاقبة المتورطين والتعويض الكافي للضحايا ليتمكن الموريتانيون بعد ذلك من التوجه نحو خوض معركة التخلف».
يذكر أن موريتانيا تضم غالبية عربية وبربرية وأقلية زنجية تشكل امتداداً عرقياً للقبائل الإفريقية في السنغال ومالي المجاورتين. ويخوض سياسيو هذه الأقلية منذ عقود حرباً ضد الغالبية العربية التي تحكم البلد موجهين اتهاماتهم لحكامها بممارسة الظلم والإقصاء في حق الزنوج وهو ما ينفيه هؤلاء الحكام.
نواكشوط – «القدس العربي»