في حي الفتح في مدينة تمبدغة (شرق موريتانيا) لا يزال الناس في حداد لليوم الثالث، ويعيشون صدمة حقيقية بعد انتحار الفتاة العشرينية (لالة مريم . م . ف - المولودة عام ١٩٩٤) والتي رمت بنفسها في بئر بعمق ٢٠ مترا احتجاجا على لوم وتوبيخ وجهته لها عائلتها بسبب تحضيرها السيئ لمسابقة الباكلوريا (شعبة علمية) التي يفترض ان تشارك فبها العام الجاري حيث باتت الامتحانات على الأبواب.
وأول أمس الجمعة وجه افراد الأسرة لوما شديدا للبنت بسبب إهمالها للدروس والانشعال في الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي، ما اعتبروه كسلا واهمالا غير مبرر.
كان واضحا ان صداما اجتماعيا وقع بين جيلين، جيل محافظ يضغط بقوة للحفاظ على الالتزام الدراسي والتمسك بقيم الشخصية الموريتانية الاصيلة (تمثله الاسرة).. وجيل جديد اصبح يرى الامور بشكل مختلف، وهو جيل مرتبط بتكنولوحيا العالم الجديد وينظر إلى حياته نظرة عدم الرضى (تمثله البت).
ونقل سكان في الحي ل"لوئام الوطني" -الذي تتبع أحداث القصة- ان عتاب العائلة تخلله ضغط كبير على الفتاة التي وصفها افراد عائلتها بأنها "غير مفيدة" وان "وجودها من عدمه سواء" وذلك بطبيعة الحال على الطريقة الموريتاتية التقليدية التي يبدو انها اثرت في الفتاة التي تنتمي للجيل الجديد الذي تلفت التكنولوجيا والانترنت انتباهه للعالم في حين لا يقتنع كثيرا بواقعه المتخلف في مدن الداخل الموريتاني.
ونقل سكان الحي ان الفتاة ردت بانها ستتصرف بما يؤدي الى ان تريحهم من نفسها، وكانت تقصد أنها ستنتحر.
واستغلت الفتاة لحظة انشغال افراد العائلة بعد الافطار، واندفعت نحو البئر، وقد لاحظ والدها -وهو يعمل في سلك الحرس الوطني- ذلك لمعرفته بشخصيتها فجرى خلفها في محاولة لانقاذها، لكن محاولته فشلت، فقد قررت الفتاة ان تلك ستكون لحظتها الاخيرة، متأثرة بكلمات العتاب، بحسب ما نقل موظف حكومي يعمل بالمدينة، مصدوم من قصة الفتاة وغرابتها على سكان المدينة.
وباتت قضية انتحار الفتيات امرا متكررا في السنوات الاخيرة بفعل الانفتاح على العالم عبر الانترنت وضعف البنية الاجتماعية والهوة بين الاجيال.
وقالت صديقة للفتاة تحدثت معها الوئام: كان واضحا انها غير مستوعبة لحجم الضغط العائلي.
فيما قال شاهد عيان: كان موقفا لا ينسى.. صادم ومؤثر.. لقد هرع الجميع لإنقاذها بعد ان رمت بنفسها في البئر ولكنها كانت قد فارقت الحياة، لقد تهشم راسها وانكسرت سيقانها وعمودها الفقري.
ورغم ان الفتاة ووريت الثرى.. الا ان قصتها دقت ناقوس الخطر في تلك المدينة النائية في الشرق الموريتاني، لتطرح من الأسئلة اكثر مما تقدم من الاجوبة.
المصدر: الوئام الوطني
بقية الصور: