دخلت الساحة الانتخابية الموريتانية الخميس مرحلة جديدة من مراحل التحضير للاستحقاقات الرئاسية المقررة يوم 29 حزيران/يونيو المقبل، هي مرحلة تدقيق المجلس الدستوري في ملفات ترشح ثمانية أشخاص بينهم الرئيس الحالي والرئيس السابق. وحسب مصادر قانونية مختصة، فإن القائمة النهائية التي سيعتمدها المجلس الدستوري ستضم سبعة مترشحين مستوفين مبدئياً للشروط، هم: محمد ولد الغزواني (الرئيس الحالي)، ومحمد الأمين ولد المرتجي ولد وافي (مترشح سابق للرئاسة ومحسوب على الرئيس الحالي)، وحمادي ولد سيدي المختار (مرشح حزب “تواصل” المعارض المحسوب على الإخوان،)، وسوماري توما (طبيب أعصاب من أصول زنجية معارض)، وبا بوكار (معارض من أصول زنجية)، والعيد ولد محمدن (محامي، ونائب برلماني معارض)، وبيرام الداه اعبيد (حقوقي ونائب برلماني معارض).
ومع أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز قد تمكن بإذن من محكمة الاستئناف من تقديم ملف ترشحه، فإن قانونيين مختصين أكدوا أن ترشحه سيلغى بسبب ظهور حكم قضائي يدينه في صحيفة سوابقه العدلية التي هي عنصر من عناصر ملف الترشح. وبعد أن قدّم فجر الأربعاء ملف ترشحه للمجلس الدستوري، طالب النائب البرلماني المعارض بيرام الداه اعبيد بالوقوف “ضد التزوير وشراء الذمم، وبحماية أصوات المترشحين”.
وأضاف أن “الانتخابات المنتظرة فرصة لتغيير النظام الحالي، مثلما حدث في السنغال، حيث انتخب السنغاليون رئيساً معارضاً”.
وقال: “النظام الحاكم يخوض الانتخابات بلا إنجازات وتمكن الإطاحة به بسهولة”.
وهاجم اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، مستعرضاً نماذج من “الخروقات” في الانتخابات الأخيرة. لكن الحدث الذي شغل ويشغل الرأي العام الموريتاني هو الطريقة التي تحرك بها ولد عبد العزيز وأنصاره من السجن إلى المجلس الدستوري، حيث حدث زحام كبير داخل المبنى، ووقعت حالة ارتباك كبيرة عند بوابة الدخول.
وطوقت شرطة مكافحة الشغب مقر المجلس، وأغلقت الممرات المحاذية له، فيما تجمع عدد من أنصار وأهالي محمد عبد العزيز غير بعيد من المجلس الدستوري حاملين صوراً مكبرة له.
وكانت الغرفة الجزائية في محكمة الاستئناف بولاية نواكشوط الغربية قد أصدرت مساء الأربعاء قراراً بالسماح للرئيس السابق محمد عبد العزيز بالخروج من السجن لإيداع ملف ترشحه للرئاسيات المقبلة مع إعادته للسجن بعد ذلك.
وسيكون العائق أمام اعتماد المجلس الدستوري لترشح ولد عبد العزيز هو الحكم الذي أصدرته المحكمة الجنائية المكلفة بمكافحة الفساد بحقه في مستهل كانون الأول/ديسمبر عام 2023، والقاضي بسجنه خمس سنوات بتهمتي غسيل الأموال والإثراء غير المشروع، مع مصادرة الأموال المتحصل عليها لديه من جريمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع، وحرمانه من الحقوق المدنية، إضافة لدفع تعويض للخزينة العامة للدولة بمبلغ 500 مليون أوقية قديمة. وانشغل الموريتانيون والمحللون السياسيون والقانونيون بسماح محكمة الاستئناف للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بالترشح رغم أنه يقضي حالياً عقوبة سجن من خمس سنوات.
وأكد الإعلامي شنوف مالكيف، مدير وكالة “الطوارئ” الإخبارية المستقلة، في تحليل له “أن من نصح الرئيس السابق بخرجته ليلة الخميس، قد أضر به من حيث أراد نفعه، لأن خرجته -يقول شنوف- خدمت العدالة التي كان هو نفسه يشكك في نزاهتها؛ فظهر بأنها تضمن لكل مواطن حقوقه كاملة غير منقوصة؛ كما خدم النظام الذي كان هو نفسه يتهمه باستغلال العدالة، حيث ظهر أن العدالة هي من تستغل السلطة التنفيذية في تطبيق القانون ووفقاً للقانون”.
وأضاف: “كما خدم ولد عبد العزيز بخرجته النظام والعدالة معاً حين ظهر في وضعية صحية جيدة، عكس ما كان يروج له دفاعه والمقربون منه، وهو ما ينفي سوء ظروف اعتقاله ضمنياً”.
وأكد شنوف “أن ملف الرئيس السابق لن يقبل في النهاية لأنه ببساطة غير مكتمل، وستتحول الخرجة التي نظمها فجر الخميس إلى إحدى حلقات مسلسل التحركات العبثية التي تعودنا عليها من الرئيس السابق، ومن دفاعه خلال الأشهر الماضية، حسب تعبيره”.
عبد الله مولود
نواكشوط –«القدس العربي»