خرجت عن تقاليد مجتمع محافظ لا يسمح للفتيات بالكلام مطلقا، وخاصة التحدث في موضوع الزواج الذي هو أحد التابوهات الخادشة للحياء..
غامرت خديجة ذو النورين فدونت عن التعدد وهي في مقتبل عمرها، فناقشت قضية «الظئار» من مختلف جوانبها لتتوصل إلى نتيجة وخلاصة أثارت الجدل، وهي «أن حواء موريتانيا هي المستفيد الأول والأخير من تعدد الزوجات».
استهلت خديجة التدوينة غير المسبوقة بقولها «في مجتمع يعيش حياة فوضوية ولا يحسب أي حساب للمستقبل ولا يعطي قدسية للأسرة تجد المرأة في موريتانيا نفسها ضحية إما لكونها زوجة أولى تتغافل وتتناسى أن زوجها حتما تزوج معها أخرى أو على وشك أن يفعل، وإما لأنها زوجة ثانية تعيش حياة في الخفاء وتتعرض للكثير من الاتهامات ويضع عليها المجتمع نقاط استفهام عدة!».
«هنا تراودني، تضيف خديجة، أفكار كثيرة قد تكون غريبة عند البعض من بينها: لماذا لا يكتفي الرجل بزوجته التي اختارها من بينهن؟ وإذا افترضنا أنه لا يمكن أن يكتفي بواحدة فهل سيكتفي باثنتين أو حتى بأربع أم أنه دخل في دوامة؟ لماذا لا يكون الرجل قويا وصادقا مع نفسه وزوجته ويعلن لها زواجه الآخر؟».
وعن المسؤولية عن هذا الواقع تقول الإعلامية خديجة «للأسف أقولها بصوت مبحوح من قلب أنهكه واقع مر معاش بشكل يومي، فالمرأة هي من يتحمل المسؤولية الكبرى إلى جانب مسؤولية صغرى يتحملها المجتمع، فالمرأة تتعايش مع خداع نفسها وانعدام ثقتها في أن حياتها الخاصة ملك لها، فهي من ينعم بنعيمها إن كان فيها نعيم وهي من سيكتوي بنارها أيضا عكس ذلك».
وتابعت خديجة مواصلة تحليلها للظاهرة «فلو أن عشر نساء فقط، أعلن تمسكهن بأزواجهن رغم علمهن بزيجات جديدة لكسرن بذلك «تابو» تحريم التعدد ولعاشت المرأة صادقة مع نفسها لا تتعرض لاتهامات من قبل المجتمع ولا لنكران أصحاب النزوات».
وزادت «إن انتشار الزواج السري أو ما يسمونه «دوبل سيم» يعصف بأمور عدة ليس أقلها أن الفتاة لم تعد تعيش فرح الزواج وما يضفيه من راحة نفسية عليها وعلى العائلة ينضاف إلى ذلك تعرضها للكلام في عرضها وعرض عائلتها ناهيك عن وضعية الأبناء الذين يعيشون أبناء من الدرجة الثانية في أفضل حالاتهم مع حتمية الطلاق في أغلب الأحيان وما ينجر عنه من تسيب للأبناء وضياع للأم».
وحددت خديجة خيارين اثنين فقط أمام السيدات «أولهما أن تكون المرأة صادقة مع نفسها وتعلم يقينا أن الرجل لن يكتفي بواحدة على الأقل في هذه المرحلة الزمنية التي تمتاز بالفوضوية وانعدام المسؤولية إلى حد كبير إلا من رحم ربك وبالتالي تعلن قبولها بتعدد الزيجات لتنعم هي ونظيرتها أو نظيراتها بالتعايش السلمي والمستفيد الأكبر هو الأطفال وفي مرحلة لاحقة المجتمع، وثاني الخيارين أن تظل المرأة على الحال القائم يتزوج الرجل ثمانين مرة دون علم لها رغم أن الخبر متداول بين الجميع ومن الناس من يتهمها بالتغاضي ومنهم من يتهكم عليها ومنهم ومنهم.. وفي النهاية سيأتيها الخبر ليطلق هو الزوجة الثانية خوفا من المعلنة وتطلق المعلنة نفسها غضبا من المخفية».
لهذه الأسباب مجتمعة حكمت خديجة أن «حواء موريتانيا هي أول مستفيد من تعدد الزوجات».
حصلت تدوينة خديجة على مئات اللايكات وانصب عليها عشرات التعليقات.
يقول محمد امود الشيخ أحمد «جيد جدا هذا واضح وصريح».
وتطوع المدون محمد ناجي أحمدو لخديجة بقيادة حملة لشرح مضامين خطابها القيم.
واندفعت المدونة حواء إدومو معلقة بقولها «يا شراح الخطاب..أين مكان حواء من الإعراب ؟ وأضافت «قبل أن نقنع المرأة بالتعدد لماذا نتجاوز عقبة تابوهات أبناء العمومة؟ كان حريا بنا أن نضمن لعدنان مثلا حياة سعيدة مع الفتاة التائهة وذلك بكسر ذاك العائق الزجاجي».
ورحب المختار عبد الله قائلا «كلام جميل جدا..ليت جميع نساء موريتانيا يفهمن هذه المعادلة».
وتأسف محمد ولد اندح وقال «واقع مؤسف فعلاً..شخصياً، أعارض بشدة تعدد الزوجات، وأرى أنه لا يليق بعصر اليوم، خاصة لمن هم في مرحلة الشباب، وللعلم فالإسلام لم يبحه بسهولة كما يتصور البعض لأن العدل الذي وضعه الإسلام لمن أراد التعدد يكاد يكون مستحيلاً أن يتوفر، وخاصة إذا فهمنا العدل بمفهومه الشمولي الذي يتعلق بكل التفاصيل، وليس بالمفهوم القاصر الذي يظن صاحبه أنه يتعلق بتوزيع للدراهم محسوب عددياً..الحل يكمن في الأمانة والصدق والحب، وزواج الشباب في مراحل عمرية مناسبة».
وتدخل يحيى الحضرامي عبد الله واعظا ومفتيا ليقول «أي مجتمع وقف أمام الطلاق وحرم التعدد فهذا يعني إباحته للمخادنة كما فعل الغرب. وأي امرأة تصارح نفسها والمجتمع فسيتضح لها ضرورة التعدد».
أما المدونة قلاليه وني بيا فقد أعلنت في تعليق لها أنها ضد ما اقترحته خديجة وأضافت «المرأة إذا رضيت بتعدد الزوجات تكون بلا كرامة وتكون رخيصة بلا ثمن، وكل إمرأة ترضى بالظئار تكون مكانتها واطئة وأنا أرفض كل الرفض الكلام عن التعدد لأنه كلام تافه».
آخر المعلقين كان الشاب الذي كتب «جميل جدا هذا التعدد فقد أصبحنا نعيش فوضى اجتماعية لأسباب عدة أولها غلاء المهور وما يصاحبه من عادات شاذة عن المألوف، كل ذلك يدفع بالرجال نحو الزواج السري الذي هو الطامة الكبرى».
عبد الله مولود«القدس العربي»: