سيكون بعد غد السبت الخامس آب /أغسطس يوما مشهودا في تاريخ موريتانيا السياسي، فهو يوم الاستفتاء المثير على تعديل دستوري مثير للجدل عبأت له الحكومة وخصصت له جميع الوسائل، بينما تقاطعه المعارضة الجادة غير المحاورة سوى حزب واحد من أحزابها هو حزب اللقاء الذي قرر المشاركة «للدفاع المباشر عن خيار «لا» وللوقوف في وجه التزوير»، حسب تأكيدات رئيسه.
وتختتم مساء اليوم الخميس الحملة السياسية والإعلامية الممهدة لهذا الاستفتاء التي قاد الرئيس الموريتاني بنفسه مهرجاناتها المؤيدة لخيار «نعم» بالتوازي مع مسيرات رافضة للاستفتاء نظمتها تنسيقية المعارضة التي تضم ثماني تشكيلات كبرى مناوئة لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
ودافع الرئيس الموريتاني في مهرجان عقده أمس بنواذيبو العاصمة الاقتصادية، عن التعديلات الدستورية التي يقترحها نظامه وذلك وسط اعتقالات قامت بها قوى الأمن، لشباب من حزب التكتل المعارض حاولوا التشويش على مهرجان الرئيس.
وأكد الرئيس ولد عبد العزيز أمام الآلاف من أنصاره «أن التعديلات الدستورية مهمة لمستقبل موريتانيا واستقرارها»، مبرزا «أن التعديلات تشمل ملحقين أولهما يتعلق بتعديل المادة 8 من الدستور بإضافة شريطين أحمرين للعلم الوطني تقديرا للمقاومة الوطنية، والملحق الثاني يتعلق بإلغاء مجلس الشيوخ بفعل تكلفته الباهظة على الميزانية الوطنية؛ حيث كلف الدولة منذ نشأته سنة 1992 أكثر من 16 مليار أوقية».
وقال: «ستتم الاستعاضة عن مجلس الشيوخ بمجالس جهوية ضمانا لتنمية محلية متوازنة ولانتخاب هيئات تنطلق من خصوصيات الولايات وتحدد أولوياتها وتمارس مهامها إلى جانب السكان وتعيش معهم معاناتهم اليومية وتخاطب الجهات الحكومية من منطلق حاجة السكان». وهاجم الرئيس معارضيه قائلا: «نحن على يقين من أنكم ستصوتون لصالح التعديلات المقترحة وستسدون الباب أمام المشوشين والمروجين للفتنة ومن جربتموهم في تبديد مواردكم خلال سنوات الإقصاء والفساد والتهميش التي عانيتم منها». وتابع «إن من يروجون للتصويت بـ «لا»، لا يملكون رؤية ولا استراتيجية بخصوص حاضر ومستقبل موريتانيا، وأنا أعول عليكم اليوم في المضي قدما على هذا النهج وسد الباب أمام تلك المعارضة التي لا وجود لها إلا في الانترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي وهمها الأول هو الترويج للأكاذيب وزرع الفتنة بين أفراد المجتمع، وتنتحل في سبيل ذلك أسماء مستعارة وألقابا غريبة وصورا باهتة تتغير في كل وقت». وفيما يتوجه الرئيس وأغلبيته هذه الوجهة، احتج حزب اللقاء الديموقراطي الحزب المعارض الوحيد غير المقاطع، على تعامل السلطات مع حزبه مؤكدا في بيان وزعه أمس «أن موريتانيا تعيش اليوم وضعا غير مسبوق، تجري فصوله، خلال فترة يفترض فيها أن تكون ساحة منافسة شريفة، ويفترض أن تقف الإدارة الإقليمية منها موقف الحياد، وأن تكون جهة تساوي بين الأطراف المتنافسة».
«لكن النظام، يضيف حزب اللقاء، لهلعه من هزيمة ماحقة متوقعة يوم الخامس من أغسطس المقبل، أذكاه لديه الموقف الشعبي التلقائي، الرافض لتعديلاته اللادستورية، قام بتسخير الإدارة الإقليمية والزج بها في أتون حملته الترهيبية علنا، بشكل جعلها ملكية أكثر من الملك».
وتابع «ها هو حاكم باسكنو (شرق موريتانيا)، يعقد اجتماعا علنيا لجميع الجهات الإدارية والأمنية والوجهاء في مقاطعته ويدعوهم جميعا للتصويت لصالح التعديلات اللادستورية، بشكل يجعل النسبة تصل إلى مائة في المائة، إنه نموذج يتكرر يوميا في جميع الولايات والمقاطعات، ونهجا تقوم الإدارة الإقليمية فيه بدور الأحزاب السياسية، وإذا لزم الأمر، تلجأ إلى التخويف والوعد والوعيد، لأي شخص لا يصوت لصالح تعديلات النظام اللادستورية». «إننا في حزب اللقاء، يضيف البيان، نستنكر هذه التصرفات، غير الديمقراطية، التي تنضاف إلى ما يتعرض له حزبنا المشارك الوحيد بـ «لا»” في هذه التعديلات اللادستورية، من منع تنظيمه لمهرجاناته في الداخل ونزع ملصقاته في العاصمة نواكشوط ومحاولات التأثير والتخويف الممارسة يوميا ضد ممثلينا في مختلف ولايات الوطن، ونعتبرها انقلابا على إرادة الناخب وسلوكا يشي بما هو أسوأ خلال الأيام المقبلة». وفي إطار التفاعلات الساخنة للساحة الموريتانية «أعلن حزب تكتل القوى الديموقراطية بزعامة أحمد ولد داداه أن من سماها «شرطة الجنرال الانقلابي محمد ولد عبد العزيز في مدينة نواذيبو، قامت باختطاف مجموعة من الشباب المعارضين للمهزلة العبثية التي يحاول النظام فرضها بالقوة على الشعب الموريتاني واقتادتهم إلى جهة مجهولة ولم تعلن حتى الآن عن مكان احتجازهم،
وذلك بعد ما قاموا باستخدام حقهم القانوني في التظاهر السلمي والتعبير الحضاري عن رفضهم لما يقوم به جنرال الفساد والاستبداد ومصفقوه هذه الأيام من كرنفالات وهدر للمال العام في الولاية، التي تعاني من عدة أزمات خانقة، كانعدام الصحة والفشل الفاضح في قطاع التعليم، والتدني الكبير في المستوى المعيشي للمواطنين، كما يعاني شبابها من البطالة وانسداد الأفق».
«وأمام هذه الإجراءات التعسفية الظالمة التي تخالف كل الأعراف والقوانين، وهذه الوضعية الخطيرة، يضيف حزب التكتل، فإننا نعلن تنديدنا بحملة الاعتقالات والاختطاف التي دأبت عليها شرطة الجنرال لمواجهة النشطاء الشباب وكافة معارضيه، واستنكارها الشديد لمحاصرة منزل الأمين الاتحادي للحزب، وترويع وتقييد حرية ساكنته من دون وجه حق».
وأكد الحزب «أنه يفرض إطلاق سراح الناشطين فورا، ويحمل السلطات الأمنية المسؤولية عن سلامة النشطاء المختطفين»، داعيا «القوى الحية إلى السعي الجاد لفرض احترام القانون، ووقف التعسف في استعمال السلطة، وإفشال مهزلة الاستفتاء اللادستوري»، حسب تعبير البيان.
القدس العربي