جددت تنسيقية المعارضة الموريتانية التي تضم ثماني تشكيلات حزبية وسياسية ونقابية وحقوقية أمس «رفضها للتعديلات الدستورية التي أسفر عنها استفتاء الخامس من شهر أغسطس الجاري، واعتبرت أن الشعب الموريتاني استجاب لدعوة المقاطعة».
وجرى الإعلان عن هذا التجديد، فيما تواصل الحكومة تنفيذها للتعديلات التي أعلنتها لجنة الانتخابات وأقرها المجلس الدستوري، بما فيها تغيير ألوان العلم، وتغيير كلمات النشيد وإلغاء غرفة الشيوخ ودمج مؤسسات المجلس الإسلامي ووسيط الجمهورية في هيئة المظالم، وإنشاء مجالس جهوية.
واكد قادة التنسيقية في ندوة سياسية أمس «تمسكهم بالعلم والنشيد القديمين، ورفضهم للتعديلات التي تنوي الحكومة إدخالها على هذه الرموز».
وأكد أحمد ولد داداه رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض خلال الندوة: «إن الشعب الموريتاني حقق نصرا كبيرا بعزوفه عن التصويت يوم الخامس آب/أغسطس»، مشيرا إلى «أن النضال سيتواصل حتى إسقاط نظام محمد ولد عبد العزيز».
وشدد ولد داده على «أن العملية الانتخابية شهدت عمليات تزوير غير مسبوقة في أنحاء الوطن جميعها، وهو ما جعل مجموعة الثمانية لم ولن تعترف بنتائج الاستفتاء، كما أنها ترفض مخرجاته كلها».
وفي كلمة أخرى خلال الندوة أكد الساموري ولد ابي نائب رئيس منتدى المعارضة «ان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، يسير بالبلد نحو منزلق خطير».
وأكد رئيس حزب التناوب المعارض سيدي ولد الكوري هو الآخر «أن الاستفتاء الدستوري الأخير، حمل رسائل أولها أن ولد عبد العزيز نظم الاستفتاء من أجل معرفة شعبيته، وقد تأكد أن شعبيته قليلة جدا، والثانية التي وصفها بأنها بالغة الخطورة، هي تصويت عناصر القوات المسلحة ضد التعديلات الدستورية، وهو ما اعتبره ولد الكوري رسالة وجهتها القوات المسلحة، توحي بعدم رغبتها في نظامه، أما الرسالة الأخيرة، فكانت من المعارضة التي قال: إنها أثبتت بتصديها للتعديلات الدستورية، أنها عصية على التفكيك وأنها قادرة على مواجهة أي نظام مستبد». وفي هذه الأثناء انشغل عدد من الكتاب السياسيين بمرحلة ما بعد الاستفتاء، حيث أكد محمد الأمين ولد الفاضل في تحليل لهذه المرحلة: «أن معادلة الخروج الآمن من السلطة مقابل التغيير الآمن هي المعادلة الأمثل التي تحقق مصالح الجميع، فهي تضمن لموريتانيا تغييرا سلسا، هذا إضافة إلى أنها تتيح للرئيس الخروج الآمن في فترة من الزمن قل فيه الخروج الآمن من السلطة، وللرئيس أن يأخذ العبرة من الطريقة التي خرج بها القذافي، وحسني مبارك، وزين العابدين بن علي، وعلي عبدالله صالح من السلطة، وتتيح كذلك للمعارضة تغييرا آمنا في زمن قل فيه التغيير الآمن، وللمعارضة أن تتذكر ما حصل في ليبيا، ومصر، واليمن، وسوريا…إلى آخر القائمة» .
«إن الخروج الآمن من السلطة، يضيف ولد الفاضل، مقابل حصول تغيير آمن كان سيحقق، لو تم الأخذ به، مصالح الطرفين (السلطة والمعارضة)، هذا فضلا على أنه سيحقق مصالح عديدة لموريتانيا، ولكن هذا التغيير الآمن يحتاج إلى شرطين أساسيين: أولهما بناء الثقة بين السلطة والمعارضة، ومن المعلوم بأن تمرير الاستفتاء سيقضي على أي إمكان لبناء الثقة بين السلطة والمعارضة، والشرط الثاني تخفيف حدة الخلاف والتوتر بين السلطة والمعارضة، وخلق أرضية مناسبة لفترة شبه انتقالية يشارك الجميع في وضع تصوراتها، وتمهد لانتخابات تشريعية ورئاسية شفافة يرضى الكل بنتائجها، وخلق هذه الأرضية كان من المفترض أن يبدأ في النصف الأول من عام 2017.»
وطرح الكاتب المعارض مجموعة من السيناريوهات المحتملة بعد إغلاق فرصة الخروج الآمن في انتخابات 2019 مشيرا إلى ان «السلطة والمعارضة ستنشغلان في الفترة المقبلة بخلق المزيد من الأزمات وزيادة الاحتقان، ولكل أسبابه الخاصة وإكراهاته التي ستفرض عليه ذلك، سيجد النظام نفسه غير قادر على مواجهة هموم المواطن ولا الانشغال بقضايا التنمية، وهو ما سيعني دخول النظام الحاكم في مرحلة سكرات الموت التي قد تطول أو قد تقصر، وستجد المعارضة نفسها غير قادرة على فرض التغيير من خلال صناديق الاقتراع، ولذلك فإن الظروف ستكون مناسبة تماما لحصول تغيير غير آمن، إما عن طريق انقلاب عسكري قد يكون دمويا في هذه المرة، أو عن طريق ثورة شعبية لا يمكن لأي كان أن يتحكم في مسارها ولا في مآلاتها».
القدس العربي