نقصد بهذا العنوان بُعْدَهُ السوسيولوجي، وقد اقتبسناه من عنوان كتاب (الاستعارات التي نحيا بها) لمؤلفيه :(جورج لايكوف( و (مارك جونسون).
وما يرمي إليه المؤلفان هو القول بأننا نتكلم الشعر يوميا في حياتنا دون الانتباه إلى ذلك، خاصة وأن الشعر يقوم على الاستعارة.
ونحن في هذه السانحة (يوم اللغة العربية) نريد القول بأن الشناقطة استطاعوا تطويع قواعد النحو وشوارده في التعبير عن مشاعرهم الخاصة، وفي التواصل مع محيطهم ومخاطبة غيرهم .
يقول العم بن أحمد فال العلوي، واصفا موقفا حصل معه في منطقة (دكانه) :
أما واليعملاتِ من المـطايا == ومكنـونِ المحاسن من حَـذام
لمن ريب الـزمان ومعتداهُ == مقامي في دكانَ بـلا مـقام
كأني في المحافل واو عمرو == وهمزُ الوصل في دَرَجِ الكلام
وقد ذكر صاحب الوسيط أن هذه الأبيات مأخوذة من قول القائل :
أيها المدعي سليما سفاها == لست منها ولا قلامةَ ظفرِ
إنما أنت في سليم كواو == ألحقت في الهجاء ظلما بعمرو
مشيدا بتفوق العم لأنه " زاد عليه همز الوصل في درج الكلام وكساه رونقا بسلاسة ألفاظه" .
أما أبو بكر بن محمد بن أبي بكر الفاضلي، فيقول، موظفا بعض المستويات النحوية في ضرورة الاعتزاز بالنفس، ضمن قضيدته المشهورة (البادة) :
أترضى بأن تبقى على الناس هينا == كمثل ضمير الفصل ليس له محل ؟
ونجد شيخ النحو عبد الودود بن عبد الله يستخدم الحروف العربية، كتورية عن بعض شؤونه الخاصة :
لله ما هاج لي من دار آبوط == لما وقـفت بها مغبرة الغـوط
وقفت فيها بنون غير معجمة == تخدي براء بفتح العين مضبوط
ويستخدم محمد الأمين بن الشيخ المعلوم البصادي (ت 1337 هـ) أدوات جزم الفعل المضارع للتعبير عن إيمانه بالقضاء والقدر :
أقاسي عـدوي بالنهار وليلتي == أقاسي بها البرغوث والهم والحزن
ففعلك ماض ليس فيه مضارع == وأجـزم من مهما ولما وإن ومن
أما بلا الشقروي، فإنه لا يجد في من لا يحسن اللغة، أي سمة من سمات الآدمية، و لا يستحق عنده الذكر :
لو قـــــام يضربني شخص يكافئني == يروي ويحفظ ما قـــال (ابن زيدونا)
إذاً لآلمـني مــا قـــــــام يصنــع بي == فقمت أضربــــه حتـــى يرى الهـــونا
لا يؤلم الضرب ممن لا يميّز (للز == زيدون يدعون) و (الهندات يدعونا)
وفي ستينيات القرن المنصرم، نجد الشاعر المصطفى بن معاوية التندغي (ت1399هـ-1979م) يخاطب أول رئيس للبلاد (المختار بن داداه) عام 1968م قائلا :
وفعلك ماض ما به حرف علة == إذا اعتلت الأفعال واسمك معرب
يقول العلامة الشيخ محمد احمد ولد الرباني (1266هـ - 1353 هـ) مخاطبا باب ولد الشيخ سيديا :
يا سيداً نال عند الله منزلة == من المحامد فاقت كل منزلة
إن احتياج الذي أوما إلى الصلة == مثل احتياج " الذي" أو "ما" إلى الصلة
ولولد الرباني أرجوزة طويلة في مدح الشيخ سيديا بابا جعل عجز كل بيت منها من ألفية بن مالك .
ويقول من قصيدة أخرى :
وقل لهم قد عداني عن مزارهمُ == حول الدويمة ما جاءت به الرسلُ
والاشتغال بأمر الشيخ بعدهمُ == والنعت والعطف والتوكيد والبدلُ
ويقول الشخ محمد حامد بن آلا (1288 هـ - 1378هـ) مخاطبا شيخه الصوفي أحمد بن سيد أمين الشقروي :
أأحمدُ بابُ الخير جُدْ لي بضمةٍ == كضمتكَ الأولى أو انجحَ للسرِّ
بضمتكَ ارفعني بعامل رفعكم == لتنصِبني فتحاً عن الخفضِ والكسر