جذبت الدولة العثمانية في مئويتها الأخيرة عددا كبيرا من المفكرين والعلماء من دول العالم الإسلامي والغرب. وكانت العاصمة إسطنبول، في تلك الأيام، تمنح كل شخص يزورها ذكريات تسجّل في صفحات التاريخ.
كم كان عقد الستينيات متميزا بما في الكلمة من معنى، وكذلك أبناؤها البررة الشجعان! فطبيعة جيل "الستينيات المجنونة" - كما يحلو لابنها الفذ وصديقنا المحامي اللبناني الأستاذ أحمد مخدر (رحمه الله) أن يصفها- وكذلك جيل السبعينيات، كانت مختلفة تماما عن طبائع أجيال اليوم!
قرأت خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة عيد الاستقلال، وقد هالنى ما حمل من انجازات أعلن عنها بالأرقام وشملت كافة جوانب الحياة في البلد: اقتصادية واجتماعية وصحية وثقافية....إلخ، وهي أرقام لا يمكن أن تأتي من فراغ، والتشكيك فيها يحتاج إلى بينة وحجج علمية لنفيها.
أحيانا.. وحينما يصادفك شخص ما وتتجاذب معه أطراف الحديث، وتحس بملامسة حقيقية بين ما تصبو إليه أنت وما يؤمن به هو من أفكار وآراء.. يدعوك عامل نفسي وإحساس داخلي عميق –وأنت تمارس مهنة الكتابة- إلى إلزامية الكتابة عن بعض الأمور الوجدانية المرتبطة بذلك الحدث..
لايمكن لمن تتبع وتأمل خطاب رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بمناسبة الذكرى ال 62 لعيد الاستقلال الوطني الا ان يقف وقفة إجلال واكبار.. لما حمله من مضامين ورسائل تثير العجب وتبعث على الفخر والزهو ..
فلاول مرة أشعر -كمواطن -ان كرامتي أستردت وأن قيمتي عادت الي بعد سنوات طويلة من الجفاء والاهمال..
شكل الخطاب المفصل لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بمناسبة عيد الإستقلال المجيد منعطفا تاريخيا لاقي قبولا لدي المواطن و المتلقي .
نظرا لما حمله من رؤية شاملة و نظرة متبصرة لكل ما يجري من جزئيات و تفاصيل داخل الوطن و تشخيص واقعي لمكمن الخلل و معالجة الإشكالات الحاصلة.
كان خطاب رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني في الذكرى الـ62 لعيد الاستقلال الوطني مختلفا، هذه المرة، فقد خرج على الإطار العام الذي يؤطر الخطابات التقليدية عادة في هذه المناسبة، فكان خطابا شاملا، حمل العديد من الرسائل غير المشفرة، وقدم جردا مختصرا لحصيلة السنوات الثلاث الماضية؛ التي رست فيها سفينة البلاد على شاطئ الأمان.
يسألني بعض القراء عن أسباب التراجع الملحوظ منذ فترة في كتابة ونشر المقالات، وللإجابة على هذا السؤال،لا بد أولا من استعراض أشكال أو أنماط الكتابة في الشأن العام، فالكتابة في الشأن العام يمكن أن نقسمها إلى ثلاثة مستويات، أو إلى ثلاث درجات، بين الدرجة والدرجة مسافة كبيرة.
ليس بمقدوري وأنا أتابع أول خطاب من نوعه وحجمه يصدر عن رئيس للبلاد دون أن أعلق عليه في عجالة تتناسب وسرعة الأحداث والزمن والإنجازات والظروف التي تكتنف هذا الخطاب.
هل في مقدورنا أن نعود قليلا إلى الوراء لنستذكر حجم خطابات جميع رؤسائنا في الحقب السابقة؟